قلت، ذهب الخجل والوجل، وَطَالَ المروى والمرتجل، وتوسط الْوَاقِع، وتشوفت للنجوم المواقع، وتوردت الخدود البواقع. قلت أَيهَا الحبر واللج الَّذِي لَا يَنَالهُ السبر: لاحجبك قبل عمر النِّهَايَة الْقَبْر، وأعقب كسر أعداد عمرك الْمُقَابلَة بِالْقبُولِ والجبر، كَأَن اللَّيْل قد أظهر لوشك الرحيل الْهَلَع، والغرب الجشع لنجومه قد ابتلع، ومفرق الأحباب، وَهُوَ الصُّبْح قد طلع، فأولني عارفة من معارفك اقتنيها، واهزز لي أفنان رحكمك اجتنبها. فَقَالَ، أمل ميسر، ومجمل يحْتَاج أَن يُفَسر، فأوضح الملغز، وأبن الطلا من البرغز، وسل عَمَّا بدا لَك، فَهُوَ أجدى لَك، وَأقسم لَا تسلنى عَن غامض، وحلو أَو حامض، إِلَّا أوسعته علما وبيانا، وأريتك الْحق عيَانًا. قلت صف لي الْبِلَاد وَصفا لَا يظلم مِثْقَالا، وَلَا يعْمل فِي غير الصدْق وخدا وَلَا أرقالا، وَإِذا قُلْتُمْ فأعدلو، وَمن أحسن من الله مقَالا. قلت انفض لي الْبِلَاد الأندلسية من أطرافها، وميز بميزان الْحق بَين اعتدالها وانحرافها، ثمَّ اتلها بالبلاد المرينية نسقا، واجل بِنور بيانك غسقا، وهات مَا تَقول فِي جبل الْفَتْح. قَالَ. فَاتِحَة الْكتاب من مصحف ذَلِك الإقليم، ولطيفة السَّمِيع الْعَلِيم، وقصص المهارق، وأفق البارق، ومتحف هَذَا الوطن المباين للْأَرْض المفارق، بِأَهْل العقيق وبارق، ومحط طارقها بِالْفَتْح طَارق، وارم الْبِلَاد الَّتِى لم يخلق مثلهَا فِيهَا، وَذُو المناقب الَّتِى لَا تحصرها الْأَلْسِنَة وَلَا توفيها، حجره الْبَحْر حَتَّى لم يبْق إِلَّا خصر، فَلَا يَنَالهُ من غير تِلْكَ الفرصة منيق وَلَا حصر. وأطل بأعلاه قصر، وأظله فتح من الله وَنصر، سَاوَى سُورَة الْبَحْر فأعياه، قد تهلل بالكلس محياه، واستقبل الثغر الْغَرِيب فحياه، واطرد صنع الله فِيهِ من عَدو يَكْفِيهِ، ولطف يخفيه، وداء عضال يشفيه، فَهُوَ خلْوَة الْعباد، ومقام العاكف والباد، ومسلحة من وَرَاءه من الْعباد، وشقة الْقُلُوب الْمسلمَة والأكباد. هَوَاهُ صَحِيح وثراه بالخزين سحيح، ونجر الرِّبَاط فِيهِ ربيح، وحماه لِلْمَالِ وَالْحرم غير مُبِيح، وَوَضعه الْحسن لَا يشان بتقبيح
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute