عدَّة وعديد، وبلد لَا يعتل مِنْهُ إِلَّا النسيم، ومرأى يخجل مِنْهُ الصَّباح الوسيم، كَثِيرَة الجداول والمذانب، مخضرة الجوانب، إِلَى الْفَوَاكِه الْكَثِيرَة والكروم الأثيرة، والسقى الَّذِي يسد الْخلَّة، ويضاعف الْعلَّة، وسندها مَعْدن الْحَدِيد وَالْحَرِير، ومعقلها أهل للتاج والسرير، وَهِي دَار أَحْسَاب وإرث وإكتساب، وآداب وحساب، وماؤها مجاج الجليد، وهواؤها يذكى طبع البليد، إِلَّا أَن ضعيفها يضيق عَلَيْهِ المعاش، وتافهها يتَعَذَّر عَلَيْهِ الانتعاش، وشيخها يَسْطُو على عصبه الارتعاش، فَهِيَ ذَات برد، وَعكس وطرد، ماشئت من لحي راعد، ومقرور على الْخمر قَاعد، وَنَفس صاعد، وفتنة يعد بهَا وَاعد، وشرور تسل الخناجر، وفاخر يَسْطُو بفاجر، وكلف يُهَاجر، واغتمام تبلغ بِهِ الْقُلُوب الْحَنَاجِر، وزمهرير تجمد لَهُ الْمِيَاه، فِي شهر ناجر، وعَلى ذَلِك فدرتها أسمح للحالب، ونشيدها أقرب للطَّالِب، ومحاسنها أغلب، وَالْحكم للْغَالِب.
قلت ففنيانة، قَالَ مَدِينَة، وللخير خدينة، مَا شِئْت من ظبى غزير، وَعصب طرير، وغلة حَرِير، وَمَاء نمير، ودوام للخزين وتعمير، إِلَّا أَن بردهَا كثير، ووقودها نثير، وشرارها لَهُم فِي الْخِيَار تَأْثِير.
قلت فمدينة غرناطة، قَالَ حَضْرَة سنية، وَالشَّمْس عَن مدح المادح غنية، كَبرت عَن قيل وَقَالَ، وحلت عرقا من وَقَالَ، وقيدت الْعقل بعقال، وَأمنت لحَال حسنها من انْتِقَال، لَو خيرت فِي حسن الْوَضع لما زَادَت وَصفا، وَلَا أحكمت رصفا، وَلَا أخرجت أرْضهَا ريحانا وَلَا عصفا، وَلَا أخذت بأشتات الْمذَاهب وأصناف الْمَوَاهِب حدا وَالنَّبِيّ قُولُوا لَو وورولو وَلَا قصفا، كرسيها ظَاهر الإشراف، مطل على الْأَطْرَاف،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute