وديوانها مَكْتُوب بآيَات الْأَنْفَال والأعراف، وهواؤها صَاف، وللأنفاس مصَاف، حجبت الْجنُوب عَنْهَا الْجبَال، فأمنت الوبا والوبال، وَأصْبح ساكنها غير مبال، وَفِي جنَّة من النبال، وانفسحت للشمال، واستوفت شُرُوط الْكَمَال، وَانْحَدَرَ مِنْهَا مجاج الجليد على الرمال، وانبسط بَين يَديهَا المرج، الَّذِي نَضرة النَّعيم لَا تُفَارِقهُ ومدرار النسيم تعلن بهَا مفارقه، ريع من واديه ثعبان مُبين، أَن لدغ ثلول شطه، ثلها للجبين، وَولد حيات المذانب عَن الشمَال وَالْيَمِين، وقلد مِنْهَا اللبات سلوكا تأتى من الْحَصْبَاء بِكُل در ثمين، وَترك الأَرْض مخضرة، تغير من خضراء السَّمَاء ضرَّة الأزهار مفترة، والحياة الدُّنْيَا بزخرفها مغترة.
(أَي وَاد أَفَاضَ من عَرَفَات ... فَوق حمرائها أتم إفَاضَة)
(ثمَّ لما اسْتَقل بالسهل يجْرِي ... شقّ مِنْهَا بحلة فضفاضة)
(كلما انساب كَانَ غصنا صقيلا ... وَإِذا مَا اسْتَدَارَ كَانَ نفاضة)
فتعددت الْقرى والجنات، وحفت بالأناث مِنْهَا الْبَنَات، ورف النَّبَات، وتدبجت الجنبات، وتقلدت اللبات، وَطَابَتْ بالنواسم الهبات، ودارت الأسوار دور السوار للمنى والمستخلصات، ونصبت للروض المنصات، وَقعد سُلْطَان الرّبيع لعرض القصات، وخطب بلبل الدوح فَوَجَبَ الْإِنْصَات، وتمرجت الأعناب، واستنجر بِكُل عذب لجنانها الجناب، وزينت السَّمَاء الدُّنْيَا من الأبراج العديدة بأبراج، ذَوَات دقائق وأدراج، وتنفست الرّيح عَن أراج، أذكرت الْجنَّة كل أمل عِنْد الله وراج، وتبرجت بحمرائها الْقُصُور مبتسمة عَن بيض الشرفات، سافرة عَن صفحات القباب المزخرافات، تقذف بِالنَّهَارِ من بعد المرتقى فيوض بحارها الرزق، وتناغى أذكار المآذن بأسحارها، نغمات الْوَرق، وَكم أطلقت من أقمار وأهلة، وربت من مُلُوك جلة، إِلَى بَحر التمدن
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute