يوصفون بنوك وَذُهُول، بَين شُبَّان كهول، وخرابها يهول، وعدوها تضيق لكثرته السهول، فأموالها لعدم المنعة فِي غير ضَمَان، ونفوسها لَا تعرف طعم أَمَان.
قلت: فمدينة مكناسة، قَالَ، مَدِينَة أَصْلِيَّة، وَشعب للمحاسن وفصيلة، فَضلهَا الله ورعاها، وَأخرج مِنْهَا ماءها ومرعاها، فجانبها مريع، وَخَيرهَا سريع، ووضعها لَهُ فِي فقه الْفَضَائِل تَفْرِيع، عدل فِيهَا الزَّمَان، وانسدل الْأمان، وفاقت الْفَوَاكِه فواكهها، وَلَا سِيمَا الرُّمَّان، وَحفظ أقواتها الاختزان، ولطفت فِيهَا الْأَوَانِي والكيزان، واعتدل الجسوم للوزان، ودنا من الحضرة جوارها، وَكثر قصادها من الوزراء وزوارها، وَبهَا الْمدَارِس وَالْفُقَهَاء، ولقصبتها الأبهة والبهاء، والمقاصر والأبهاء. إِلَّا أَن طينها ضحضاح، لذِي الطّرف فِيهِ افتضاح، وأزقتها لَا يفارقها القذر، وأسواقها يكثر بهَا الهذر، وعقاربها لَا تبقي وَلَا تذر، ومقبرتها لَا يحْتَج عَن إهمالها وَلَا يعْتَذر.
قلت، فمدينة فاس، قَالَ: رعى الله أَرضًا تربها ينْبت الفنا، وآفاقها ظلّ على النَّاس مَمْدُود، نعم العرين لأسود بني مرين، وَدَار الْعِبَادَة الَّتِي يشْهد بهَا مطرح الْجنَّة، وَمَسْجِد الصابرين، وَأم الْقرى، [ومأم السرى] وموقد نَار الدعا، ونارء القرا، ومقر الْعِزّ الَّذِي لَا يهضم، وكرسي الْخلَافَة الْأَعْظَم، والجزية الَّتِي شقها ثعبان الْوَادي، فَمَا ارتاعت، والأبية الَّتِي مَا أذعنت إذعانها للإيالة المرينية وَلَا أطاعت أَي كَاف وكلف، وَخلف عَن سلف، ومحاباة وزلف، وقضيم وعلف، إِنَّمَا الدُّنْيَا أَبُو دلف. سَأَلت عَن الْعَالم الثَّانِي، ومحراب السَّبع المثاني، وَمُغْنِي المغاني، ويرقص النادب والغاني، وأرمم المباني، ومصلى القاصي والداني، هِيَ الْحَشْر الأول، والقطب الَّذِي عَلَيْهِ الْمعول، وَالْكتاب الَّذِي لَا يتَأَوَّل، بل المدارك والمدارس، والمشايخ والفهارس، وديوان الراجل والفارس، وَالْبَاب الْجَامِع من موطإ الْمرَافِق،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute