للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الحلى، وبرج النُّور الْجَلِيّ، وتربة الْوَلِيّ، وحضرة الْملك الأولى، وَصرح النَّاصِر الْوَلِيّ، ذَات المقاصر والقصور، وغابة الْأسد الهصور وسدة النَّاصِر والمنصور، بَعدت من المركز دارتها، وسحرت الْعُيُون شارتها، وَتعبد الإيماءة إشارتها، وخاضت الْبَحْر الخضم بدارتها وبشارتها. اقتعدت الْبَسِيط المديد، واستظهرت بتشييد الأسوار وأبراج الْحَدِيد، وَبكى الْجَبَل من خشيتها بعيون الْعُيُون، فسالت المذانب كصفاح القيول، وقيدت طرف النَّاظر الْمفْتُون أدواح الشّجر بهَا وغابات الزَّيْتُون. مَا شِئْت من انفساح السكَك، وامتداد الباع فِي ميدان الانطباع، وتجويد فنون المجون بِالْمدِّ والإشباع، زيتها للمزمن يعصر، وَخَيرهَا يمد وَلَا يقصر، وفواكهها لَا تحصر. فَإِذا تنافس الْحر وَالْبرد وَتَبَسم الزهر، وخجل الْورْد، وكسا غدرانها الحائرة الْخلق السرد، قلت انجز لِلْمُتقين من الْجنَّة الْوَعْد، وساعد السعد، وَمَا قلت إِلَّا بِالَّذِي عملت سعد. ومنارها الْعلم فِي الفلاة، ومنزلته فِي المآذن منزلَة والى الْوُلَاة. إِلَّا أَن هَواهَا مُحكم فِي الجباه والجنوب يحمى عَلَيْهَا بكر الْجنُوب، وحمياتها كلفة بالجسوم، طالبة ديونها بالرسوم، وعقاربها كَثِيرَة الدبيب، منغصة مضاجع الحبيب، وحزابها موحش هائل، وَبعد الأخطار عَن كثير من الأوطار بهَا مائل، وعدوها ينتهب فِي الفتق أقرانها، وجرذان الْمَقَابِر تَأْكُل أمواتها وَكَانَت أولى الْمنَازل بالأعياد، لَو أَنَّهَا الْيَوْم مَعْدُودَة فِي الْأَحْيَاء.

قلت فأغمات، قَالَ، بَلْدَة لحسنها اشتهار، وجنة تجْرِي من تحتهَا الْأَنْهَار، وشمامة تتضوع مِنْهَا الأزهار، مُتعَدِّدَة الْبَسَاتِين، طامية بحار الزياتين، كَثِيرَة الْفَوَاكِه وَالْعِنَب والتين، خَارِجهَا فسيح المذانب فِيهِ تميح، وهواؤها صَحِيح، وقبولها بالغريب شحيح، وماؤها نمير، وَمَا وردهَا ممد للبلاد وممير. إِلَّا أَن أَهلهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>