للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قلت فأزمور، قَالَ جَار وَاد وريف، وعروس ربيع وخريف، وَذُو وضع شرِيف، أطلت على واديه المنارة والمراقب، كَأَنَّهُمَا النُّجُوم الثواقب، وجلت عَن خصبه المناقب، وقمين الْمرَافِق نهره المجاور وبحره المصاقب، بلد يخزن الأقوات، ويملأ اللهوات، بَاطِنه الْخَيْر، وأمامه اللَّحْم وَالطير، وساكنه رفيه، ولباسه يتَّخذ فِيهِ، ومسكنه نبيه، وصوته الشابل لَيْسَ لَهُ شَبيه، لَكِن أَهله إِنَّمَا حرثهم وحصادهم اقتصادهم، فَلَا يعْرفُونَ إرضاخا وَلَا وردا نضاحا، يترامون على حَبَّة الْخَرْدَل بالجندل، ويتضاربون بِالسُّيُوفِ على الْأَثْمَان والزيوف، بربري لسانهم، كثير حسانهم، قَلِيل إحسانهم، يكثر بَينهم بِالْعرضِ الافتخار، ويعدم ببلدهم المَاء وَالْملح والفخار.

قلت فتيط، قَالَ، مَعْدن تَقْصِير، وبلد بَين مجْرى وَمَاء وعصير، للأولياء بِهِ اغتباط، ومسجدها يضيق عَنهُ المداين، منارا عَالِيا، وبقلادة الْأَحْكَام حاليا. إِلَّا أَن خَارِجهَا يروق عين الْمُقِيم وَالْمُسَافر، وَلَا يشوق بِحسن مُسَافر، ومؤمنة تشقى بصداع كَافِر، وحماه عَدو كل خف وحافر، فلولا ساكنها، لم يلبس يَوْم فَخر وَلم ينْبت أَي صَخْر.

قلت فرباط آسفي، قَالَ، لطف خَفِي، وجناب حفي، ووعد وَفِي، وَدين ظَاهره مالكي، وباطنه حَنَفِيّ. الدماثة وَالْجمال، وَالصَّبْر وَالِاحْتِمَال، والزهد وَالْمَال وَالْجمال [والسذاجة والجلال] قَليلَة الإخوان، صابرة على الاختزان، وافية الْمِكْيَال وَالْمِيزَان، رَافِعَة اللِّوَاء بِصِحَّة الْهَوَاء، بلد مَوْصُوف برفيع ثِيَاب الصُّوف، وَبِه تربة الشَّيْخ أبي مُحَمَّد صَالح، وَهُوَ خَاتِمَة المراحل المسورات من ذَلِك السَّاحِل. لَكِن مَاؤُهُ قَلِيل، وعزيره لغاديه من يواليه من الْأَعْرَاب ذليل.

قلت فمدينة مراكش، قَالَ فتنفس الصعدا، وأسمع البعدا، وَقَالَ درج

<<  <  ج: ص:  >  >>