للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الناعورة الَّتِي ملكت من الْفلك الدوار مِثَالا، وَأوحى المَاء إِلَى كل سَمَاء مِنْهَا أمرهَا، فأجزت امتثالا، ومحبة البرود سلسالا، وألفت أكوارها الترفة والترف، فَإِذا قَامُوا إِلَى الصَّلَاة قَامُوا كسَالَى:

(وقورا من قَوس الْغَمَام ابْتَغوا لَهَا ... مِثَالا أداروها عَلَيْهِ بِلَا شكّ)

(قس الثريا والترا سد جرمها ... وللباك الدوار قد أَصبَحت تحك)

(تصوغ لجين النَّهر فِي الرَّوْض دَائِما ... وزاهم نور قد خلص من الشَّك)

(وَترسل شهباتها ذَا ذؤابة ... تبتغي استراق السّمع عَن حوزة الْملك)

(تذكرت الْعَهْد الَّذِي اخترعت بِهِ ... وحنت فَمَا تنفك ساجعة تبك)

إِلَّا أَن حر هَذِه الميدنة يذيب، وساكنها ذيب، ومسالكها وعرة، وظهايرها مستعرة وطينها هايل، ورخامها حَرْب وابل، إِن نَشد الجفا نَاشد، فَهِيَ ضالته المنشودة، أَو حشد إِضَافَة حاشد، فَهِيَ كتيبته المحشودة، إِلَى بعد الأقطار، وعياث الميازب أَوْقَات الأمطار، والاشتراك فِي المساكن والديار، عَن الْمُوَافقَة. وَالِاخْتِيَار، وتجهم الْوُجُوه للغريب ذِي الطّرف الْمُرِيب، وغفلة الأملس عَن الجريب، ودبيب العقارب إرْسَالًا كالقطار الغارب. وَأَهْلهَا يرَوْنَ لأَنْفُسِهِمْ مزية الْفضل، ويدينون فِي مُكَافَأَة الصَّنَائِع الْبَالِغَة بالعضل، يلقى الرجل أَبَا منواه فَلَا يَدعُوهُ لبيته، وَلَا يسمح لَهُ ببقله وَلَا زيته، فَلَا يطْرق الطيف حماهم، وَلَا يعرف اسمهم وَلَا مسامهم، إِلَّا الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات، وَقَلِيل مَا هم، ومقبرتهم غير نابهة، وأجداثها غير متشابهة، منشبة حَيَوَان ومشبعة جرذان غير وان.

ثمَّ قَالَ فِي أَمر سلوين، قَالَ وَاد عَجِيب، وبلد لداعي الإيناع مُجيب، مخضر الوهاد والمتون، كثير شجرات الْجَوْز وَالزَّيْتُون، كنفته الْجبَال الشم، وَحنث عَلَيْهِ الطود كَمَا تحنو على الْوَلَد الْأُم، فهواؤها ملائم، وَالْعِنَب على الْفُصُول دَائِم،

<<  <  ج: ص:  >  >>