إِلَّا أَن الشَّمْس لَا تطرقه سمال، وَلَا ترمقه إِلَّا وَقت زَوَال، قد بَاء بالحظ الموكوس، وانكمش تَحت إبط الظل المنكوس، فجوه عديم الطلاوة، وعنبه للبرد قَلِيل الْحَلَاوَة.
قلت فسجلماسة، فَقَالَ تِلْكَ كورة. وَقَاعِدَة مَذْكُورَة، ومدينة محمودة مشكورة، كَانَت ذَات تَقْدِيم، وَدَار ملك قديم، وبلد تبر وأديم، ومنتهى تجر ومكسب عديم، مَعْدن التَّمْر، بحكمة صَاحب الْخلق وَالْأَمر، تَتَعَدَّد أَنْوَاعه، فتعيي الْحساب، وتجم بهَا فوائدها، فتحسب الاقتناء والاكتساب، قد اسْتَدَارَ بهَا لحلو السُّور وَالْأَمر العجاب، والقطر الَّذِي تحار فِي ساحته النجاب، فَيضْرب مِنْهُ على عذاريها الْحجاب، بَاطِنه فِيهِ الرَّحْمَة وَظَاهره من قبله الْعَذَاب، تحيط بهَا مرحلة رَاكب، ويصيرها سَمَاء مخطرة ذَات كواكب، فمنازلها لَا تنَال بهوان، وفدانها ودمنها تَحت صوان، ونخلها تطل من خَلفه الْجِدَار، وتتبوأ الْإِيمَان والديار، وحللها مبتوتة بَين الدمن، وضياعها تمتلك على مر الزَّمن، وسوائمها تالعة للسمن، مَوْجُودَة بنزر الثّمن، وفواكهها جميمة، ونعمها عميمة، وسورها يعجز عَن مثله معتصم ورشيد، وسقيها يخص دَار الْملك بحظ مَعْلُوم، وَيرجع إِلَى وَال يكف كل مظلوم. وَهِي أم الْبِلَاد الْمُجَاورَة لحدود السودَان فتقصدها بالتبر القوافل، وتهدي إِلَى مِحْرَابهَا النَّوَافِل، والرفاهة بهَا فَاشِية، وَالنِّسَاء فِي الْحلَّة ناشية. لَكِنَّهَا معركة غُبَار، وقتيل عقربها جَبَّار، ولباسها خامل، والجفا بهَا شَامِل، والجو يسفر عَن الْوَجْه القطوب، والمطر مَعْدُود من الخطوب، لبِنَاء جدرانها بالطوب، والقرع برؤوس أَهلهَا عابث، والعمش لجفونهم لابث، والحصا يصيبهم، ويتوفر مِنْهُ نصِيبهم.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute