من الصُّبْح إِذا أَسْفر، وَقَالَ، مَا رَأَيْت كالليلة أجمع لأمل شارد، وأنعم بمؤانسة وَارِد. يَا هَذَا إِنِّي سَائِلك، وَلنْ تخيب بعد وسائلك، فَأَخْبرنِي بِمَا عنْدك فِي هَذَا الْأَمر الَّذِي بلينا بِحمْل أعبائه، ومنينا بمراوضة آبَائِهِ. فَقَالَ هَذَا الْأَمر قلادة ثَقيلَة، وَمن خطة الْعَجز مستقيلة، ومفتقرة لسعة الذرع، وربط السياسة المدنية بِالشَّرْعِ، يُفْسِدهَا الْحلم فِي غير مَحَله، [وَيكون ذَرِيعَة إِلَى حلّه] ويصلحها مُقَابلَة الشكل بشكله:
(وَمن لم يكن سبعا آكلا ... تداعت سِبَاع إِلَى أكله)
فَقَالَ الْملك، أجملت ففصل، وبريت فنصل، [وكلت فأوصل] وانثر الْحبّ لمن يحوصل، واقسم السياسة فنونا، وَاجعَل لكل لقب قانونا، وابدأ بالرعية، وشروطها المرعية. فَقَالَ: رعيتك ودائع الله قبلك، ومرآة الْعدْل الَّذِي عَلَيْهِ جبلك، وَلَا تصل إِلَى ضبطهم [إِلَّا بإعانته] الَّتِي وهب لَك. وَأفضل مَا استدعيت بِهِ عونك فيهم، وكفايته الَّتِي تكفيهم، تَقْوِيم نَفسك عِنْد قصد تقويمهم، ورضاك بالسهر لتنويمهم، [وحراسة كهلهم ورضيعهم، والترفع عَن تضيعهم] ، وَأخذ كل طبقَة بِمَا عَلَيْهَا، وَمَالهَا، أخذا يحوط مَالهَا، ويحفظ عَلَيْهَا كمالها، وبقصر عَن غير الْوَاجِب آمالها، حَتَّى تستشعر عَلَيْهَا رأفتك وحنانك، وتعرف أوساطها فِي [النصب امتنانك] وتحذر سفلتها سنانك، وحظر على كل طبقَة مِنْهَا، أَن تتعدى طورها، أَو تخَالف دورها، أَو تجَاوز بِأَمْر طَاعَتك فورها. وسد فِيهَا سبل الذريعة، واقصر جَمِيعهَا على خدمَة الْملك بِمُوجب الشَّرِيعَة،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute