للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الصّرْف فِي الْبياعَات وإجراء العوائد مَعَ الْأَيَّام والساعات، وَلَا تبخس عيار قيم البضاعات، ولتكن يدك عَن أَمْوَال النَّاس محجورة، وَفِي احترامها إِلَّا عَن الثَّلَاثَة مأجورة: مَال من عدا طوره وطور أَهله، وَتجَاوز فِي الملابس والزينة، وفضول الْمَدِينَة، يروم معارضتك بِحمْلِهِ، وَمن بَاطِن أعداك وَأمن اعتداك، وَمن أَسَاءَ جوَار رعيتك بإخساره، وبذل الإذاية فيهم بِيَمِينِهِ ويساره. وأضر مَا منيت بِهِ التعادي بَين عبدانك، أوفي بلد من بلدانك فسد فِيهِ الْبَاب، وآسأل عَن الْأَسْبَاب، وانقلهم بوساطة أولي الْأَلْبَاب، إِلَى حَالَة الأحباب، وَلَا تطوق الْأَعْلَام أطواق الْمنون، بهواجس الظنون فَهُوَ أَمر لَا يقف عِنْد حد، وَلَا يَنْتَهِي إِلَى عد، وَاجعَل ولدك فِي احتراسك، [وَصدق مراسك] ، حَتَّى لَا يطْمع فِي افتراسك.

ثمَّ لما رأى اللَّيْل قد كَاد ينتصف، وعموده يُرِيد أَن ينقصف، ومجال الْوَصَايَا أَكثر مِمَّا يصف، قَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، بَحر السياسة زاخر، وَعمر التَّمَتُّع بناديك الْعَزِيز مستأخر، فَإِن أَذِنت فِي فن من فنون الْأنس يجذب بالمقاد، إِلَى رَاحَة الرقاد، وَيعتق النَّفس بقدرة ذِي الْجلَال، من ملكة الكلال، فَقَالَ، أما وَالله قد استحسنا مَا سردت، فشأنك وَمَا أردْت. فاستدعى عودا فأصلحه حَتَّى أَحْمَده، وَأبْعد فِي اخْتِيَاره أمده. ثمَّ حرك فَمه، وَأطَال الْحسن ثمه، ثمَّ تغنى بِصَوْت يَسْتَدْعِي الْإِنْصَات، ويصدع الْحَصَاة، ويستفز الْحَلِيم عَن وقاره، ويستوقف الطير، ورزق بنيه فِي منقاره، وَقَالَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>