للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

للسياسة وأحكامها، وَهِي أَن الْملك لَا يَخْلُو أَن يكون سخيا وباذلا، أَو ممسكا باخلا، وقويا على تَدْبيره أَو ضَعِيفا، يلقى المقادة إِلَى وزيره أَو سيا ظَنّه أَو من الاسترسال فِيهِ أَو حسن الْبشر عِنْد الافتراض، أَو منقبضا عَن الْأَعْرَاض. وَإِذا تركبت هَذِه الْخلال تركيبا طبيعيا، وترتبت ترتيبا وضعيا، وتقابل امتزاجها، بلغ إِلَى سِتَّة عشر ازدواجها، وَتَأْتِي للحكيم من الوزراء علاجها، وَرُبمَا انحرفت هَذِه الْخلق أَو توسطت، وَرُبمَا أفرطت، وعَلى هَذَا التَّرْتِيب ارتبطت، وَإِن كَانَ سخيا آثر درور الشُّكْر على توفير قوافل المَال، وكاف يحسن الذّكر فِي جَمِيع الْأَحْوَال وَإِن كَانَ بَخِيلًا، فبضد هَذِه الْحَال، وَإِن غلبت عَلَيْهِ قُوَّة التَّدْبِير، استدعاك إِلَى الْمُشَاركَة فِي سعيك، وأحرز بذلك عَلَيْك الْحجَّة فِي رعيك وَإِن غلب عَلَيْهِ الضعْف ركن إِلَى تدبيرك، وفوض إِلَيْك الْأَمر فِي قليلك وكثيرك، وخلاك ومالا يحمد من عواقب أمورك، وَإِن كَانَ حسن الظَّن تمكنت من إحكام تدبيرك لدولته، وَبَلغت مِنْهَا أقاصي مصْلحَته، وَإِن كَانَ سيء الظَّن، شغلك عَن الْإِخْلَاص بكلف الْخَلَاص، وبإحراز الْحجَّة عَلَيْهِ عَن التفرغ الْكثير مَا يحْتَاج إِلَيْهِ، وَإِن كَانَ الْبشر عَلَيْهِ غَالِبا، كَانَ لنشاطك جالبا، فَاجْعَلْ هَذِه الْأَخْلَاق أصولا ورعيك لَهَا موصلوا، وَصَاحبه على خلقه وعقله، وانقل مِنْهَا بالتلطف مَا قدرت على نَقله، واعط صُورَة من تخدمة مَا ينافس تأليفها، وَيرْفَع تكليفها، وانفق مَا ينْفق عِنْدهَا وجار أخلاقه، واجتنب ضدها، يحسن أثرك، ويعظم شَأْنك، وَينفذ لَك سلطانك.

الرُّكْن الْخَامِس: فِي سيرته مَعَ من يتطلع لهضبته، ويحسده على رتبته، وَاعْلَم أَنه لَا يَخْلُو من حل محلك من علو الْقدر، وَعزة الْأَمر، عَن قرين يعانده،

<<  <  ج: ص:  >  >>