للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مؤونة ونقمة، وداعية إِلَى اسْتِهْلَاك عتاد أَو تَدْبِير مُسْتَفَاد، وإثارة حساد لَهُم، ورد جاهك، وَعَلَيْك صَدره وَلَهُم نفع كدحك، وَعَلَيْك ضَرَره. والاقتصاد فِي أَمرك أدوم لسلامتك وَأَرْفَع لملامتك، واغض لطرف حاسدك، واصدق لفوائدك، وأروح لقلبك وأخلص فِيمَا بَيْنك وَبَين رَبك، وَفِيمَا عثرت عَلَيْهِ التجارب، ووضحت مِنْهُ الْمذَاهب، أَن المتقلل من الوزراء، طَوِيل عمره، ناجح أمره، مظفر بأعدائه وأضداده، قريب من الْحَال المرضية فِي معاده. ولتكن همتك مصروفة إِلَى اسْتِبْرَاء حَال المملكة واعتبارها، وَتَأمل أفكارها، وَمَا عَلَيْهِ كل جُزْء من أجزاءها، من سداد ثغورها ودفاع أعدائها، ونقصان ارتفاعها، واختلال أوضاعها، أَو تَدْبِير مصلحَة يبْقى لَك ذكرهَا وخبرها، وَيحسن بك أَثَرهَا. وخف مصَارِع الدَّالَّة، فَهِيَ أدوأ دائك، وأكبر أعدائك. وَاعْلَم أَن الاقتصاد مَعَ إِمْكَان التَّوسعَة، والتنزل مَعَ الرُّتْبَة المرتفعة، يُنبئ عَن قُوَّة رَأْيك، وَصِحَّة عزمك، واستقامة سعيك وَالرَّغْبَة فِي الترف، والميل إِلَى الشّرف، دَالَّة على غَلَبَة الْهوى على الشّرف، وَأجل مَا جملت بِهِ زَمَانك، وَرفعت شَأْنك، خدمَة الشَّرِيعَة، وإحياء رسومها، وقمع الْبدع، وَإِزَالَة شومها، يذع لَك الْحَمد ويتخلد لَك الْمجد. وتول ذَلِك مَتى أمكنك بِنَفْسِك، وَلَا تكله إِلَى غَيْرك من أَبنَاء جنسك، حَتَّى إِذا وفقت بِهِ على غميرة يجب تغييرها، وَيتَعَيَّن نكيرها فارفع إِلَى الْملك عينهَا، وقبح عِنْده شينها، ثمَّ حل بَينه وَبَينهَا، وَأظْهر للنَّاس أَن قلقه بهَا أهمك، أَكثر من قلقك، وخلقه لإنكارها مُتَقَدّمَة لخلقك، تهدي إِلَيْهِ بذلك مَا يزِيد فِي مكانتك ويغبط بأمانتك، وَيشْهد بمؤازرتك وإعانتك وحسبنا، الله وَنعم الْوَكِيل.

الرُّكْن الرَّابِع: فِي تصنيف أَخْلَاق الْمُلُوك، للسير بمقتضاها والسلوك. وَاعْلَم أَن للملوك أَخْلَاقًا، يفْطن الملاطف من خدامها إِلَى اسْتِعْمَالهَا، فيجعلها أسا

<<  <  ج: ص:  >  >>