للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والانقياد للأوامر الدِّينِيَّة والنواهي، وهجر الدعة فِي الضّيق وَالسعَة، وَشدَّة الْيَقَظَة، وَالذكر الَّذِي يعْنى بِهِ الْحفظَة من ذكر إقطاع، أَو مِقْدَار ارْتِفَاع، أواسم مرتزق، أَو حصر عمل مفترق، أَو التفكير فِي مصلحَة المملكة، فَإِنَّهُ إِن رَاض ذَلِك دُونك وعلكه، ونهجه مُنْفَردا وسلكه، وتميز فِيهِ بالملكة. وسامحك فِي التَّقْصِير والباع الْقصير، وسره سبقه إياك، وتقدمه عَلَيْك فِيمَا ولاك، فَهُوَ مِمَّا يحط لَدَيْهِ أَمرك، ويوهن قدرك، وَإِن كَانَ غَرَّك وَيرى أَنه لَا موازرك فِيمَا نابه، وَلَا كَافِي فِيمَا عرا بَابه، وأمل منايه، واجتهد أَن يراك شَدِيد الْحِرْص، آنِفا من النَّقْص، وَلَا يحس مِنْك فِي وظيفتك بتقصير، وَلَا يشْعر مِنْك فِيهِ بِرَأْي قصير.

فصل: وَاحْذَرْ أَن تسول لَك قدرَة الْإِمْكَان ودالة السُّلْطَان، الزِّيَادَة فِي الاستكثار من الضّيَاع وَالْعَقار، والجواهر النفيسة والأحجار، وَغير ذَلِك من الاحتجان والاحتكار، وَمَا تَدْعُو إِلَيْهِ جلالة الْمحل ونباهة الْمِقْدَار، فيتقسم فكرك وشغلك، ويضيع سعيك وفضلك، ويحصيه عَلَيْك من يضمر لَك الافتراس، وَلَا يمكنك من كَيده الاحتراس، مِمَّن حروم حَظه، أَو وكس مَعْنَاهُ أَو لَفظه، ومتطلع إِلَى أوفى من وزانه، متسام إِلَى مَا وَرَاء إِمْكَانه، أقصرت بِهِ السياسة عَن شانه، فأضرم الْحَسَد ناره، وأذكى إوراه، وَأعظم صغيرك وأثاره، ويتشوف إِلَى مناهضتك من كَانَ عَنْهَا مقصرا، ويجهر من كَانَ مستترا، ويستدعي الارتياب مَا جلبه الْحَظ إِلَيْك، والاستظهار بِهِ عَلَيْك، وطمع الْحَاسِد فِيمَا لديك، واحرز مَعَ الْملك السلغة الَّتِي تقيك، وتوسدك مهاد الفضلة وتنميك، وترفع كلك، وتشمل أهلك، حَتَّى يعلم أَنَّك بِقَلِيل مَا يجريه لَك الْعدْل لَدَيْهِ، أغْنى مِنْهُ بالكثير فِي يَدَيْهِ، واجتنب الانهماك فِي الاستكثار من الْوَلَد والحشم أولى الْعدَد، والأذيال الَّتِي ثبتَتْ فِي أقطار الْبَلَد، فَإِن الْحَاسِد يراهم بذخا ونعمه، وَإِنَّمَا هم

<<  <  ج: ص:  >  >>