ذُو الْأَدَب الَّتِي أضحت شوارده حلم النيام وَسمر الأيقاظ، وَكَمن فِي بَيَاض طرسه، وَسَوَاد نَفسه سحر اللحاظ، رفع بقطره راية هَذَا الشان على وفور حلبته، وَفرع قنة الْبَيَان على سمو هضبته، وَفَوق سَهْمه إِلَى نحر الْإِحْسَان، فأثبته فِي لبته، فَإِن أَطَالَ، ثار الْأَبْطَال، وكاثر المنسجم الهطال، وَإِن أوجز فَضَح وأعجز، فَمن نسيب تهيج بِهِ الأشواق، وتضيق عَن زفراته الأطواق، ودعابة تقلص ذيل الْوَقار، فتزرى بأكواس الْعقار. إِلَى انتماء للمعارف، وجنوح إِلَى ظلها الوارف، وَلم تزل فضائله بتك الْبَلدة تنفسح آمادها، حَتَّى تنافس فِيهِ قوادها، فاتخذوه كَاتب أسرارهم، وترجمان أخبارهم، وَقد ثَبت من مقطوعات شعره، ونفثات سحره، مَا يستفز السَّامع، ويقرط المسامع
وَمن ذَلِك فِي وصف أبي عبد الله بن بقى
مدير لأكواس الْبَيَان الْمُعْتق ولعوب بأطراف الْكَلَام المشقق انتحل لأوّل أمره الْهزْل من أصنافه فأبرز دُرَر مَعَانِيه من أصدافه وجنى ثَمَرَة الإبداع لحسين قطافه، ثمَّ تجَاوز إِلَى المعرب وتخطاه، فأدار كأسه وعاطاه، فَأصْبح لفنيه جَامعا، وَفِي فلكيه شهابا لامعا، وَله ذكا يطير شرره، وَإِدْرَاك تتبلج غرره، وذهن يكْشف الغوامض، ويسبق البارق الوامض، وعَلى ذلاقة لِسَانه، وانفساح أمد إحسانه، فشديد الضنانة بِشعرِهِ، مغال لسعره، أجَاب أحد الأحباء مِمَّن خطب ادبه واستدعاه للمراجعة وندبه.
وَمن ذَلِك وصف أبي عَليّ حسن بن عبد السَّلَام
فَارس براعة بارعة، ورث بديهة مسارعة لاك الْكَلَام وعلكه، وَاسْتحق الْإِحْسَان وَملكه، وأدار على قطب الإجادة فلكه، وساعده الدَّهْر فتحدى طَرِيق السرو وسلكه، وَلم يزل الْمِقْدَار يساعده، وَالتَّدْبِير ينوء بِهِ ساعده حَتَّى تحلت بِالثُّرَيَّا حَاله
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute