وَعظم جاهه وَمَاله، وَلما تغلبت الْفِتْنَة بدولته، وعجمت عود صولته آثر الرحيل، وَفَارق ربعه الْمُحِيل، وَاسْتقر بِحَضْرَة تونس يروم الوجهة الحجازية وَقد تَبرأ من قَول الشَّاعِر: " وَمَا أَنا إِلَّا من غزيَّة " فَأَتَاهُ بهَا حمامة، وَانْقَضَت دون أمله أَيَّامه، وَله أدب غض الجنى، أنيق اللَّفْظ وَالْمعْنَى على قصر بَاعه، وَقلة انتجاعه.
وَمن ذَلِك فِي وصف أبي الْحسن بن الصّباغ
اللسن الْعَارِف، والناقد لجواهر الْمعَانِي كَمَا تفعل بالسكة الصيارف، والأديب الْمجِيد، الَّذِي تحلى بِهِ للعصر النَّحْر والجيد، إِن أجال جِيَاد براعته، فَضَح فرسَان المهارق، وأخجل من بَيَاض طرسه، وَسَوَاد نَفسه الطرر تَحت المهارق. وَإِن جلى أبكار أفكاره، وأثار طير الْبَيَان من أوكاره، سلب الرَّحِيق المعدم فضل ابتكاره، إِلَى نفس لَا يفارقها ظرف، وهمة لَا يرْتَد إِلَيْهَا طرف وإباية لَهُ لَا يفل لَهَا غرب وَلَا جرف، وَفِي هَذِه الْأَيَّام دَعَاهُ شيخ الْغُزَاة إِلَى كِتَابَة سره، وَقَامَ بِوَاجِب بره، وَله أدب غض وزهر على مجتنبه مرفض.
وَمن ذَلِك فِي وصف أبي إِسْحَق الطّراز
رَوْضَة أدب وظرف، كَمَا شِئْت من حسن وَعرف، أشرقت ذكا ذكائه، وتضوعت آدابه تضوع الرَّوْض غب سمائه، إِلَى حلاوة الْخَلَائق والضرائب، والشيم الْحَسَنَة والمعاني الغرايب، ترتاح إِلَى مُجَالَسَته المحاضر، ويرقب من أفنان فكاهته الزهر الناضر، فَمَا شيت من توقيع رفيع، وتندير بالإصابة جدير، ولطافة الشَّمَائِل فِي كثير من الْفَضَائِل، وَله نفس تطمح إِلَى بُلُوغ الْمعَانِي، وفكر يَحْدُو حلل الْبَدَائِع فِي الطّراز العالي، وأدب كالروض باكرته السحائب، وحملت أرجه الصِّبَا والجنائب وَقد أثبت من شعره كل عطر النسيم، سَافر الْمحيا الوسيم،
وَمن ذَلِك فِي وصف أبي جَعْفَر بن دَاوُد الْوَادي آشى
شيخ الْعمَّال المؤتمن على الجباية وَالْمَال، الْمُسْتَوْفى شُرُوط الْفضل على الْكَمَال،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute