للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تواضع رَحمَه الله على الْعُلُوّ، وَلبس شعار السّكُون والهدو، وبذل المجاملة للصديق والمسالمة لِلْعَدو، ولازم مجَالِس الْملك بِحَيْثُ يضر وينفع، ويحط وَيرْفَع، فَمَا شَاب بالإساءة إحسانا، وَلَا أعمل فِي غير الْمُشَاركَة لِسَانا إِلَى غير ذَلِك من الْأَدَب الْعطر النسيم، السافر عَن الْمحيا الوسيم، واشتهر بِالْوَفَاءِ اشتهار دارين بطيبها وأياد بخطيبها، فَكَانَ حَامِل رايته، ومحرز غَايَته، وَمضى لسبيله فقيدا عَم فَقده وَخص، وهاض أَجْنِحَة الْحَاجَات وقص، وَله أدب يُصِيب شاكلة الرمى بنباله، ونظم تضحى الْمعَانِي قنايص حباله،

وَمن ذَلِك وصف أبي عبد الله بن حسان

كَاتب إنْشَاء وديوان، وَصدر حفل وإيوان، وَفَارِس يراعة، وَروض أدب وبراعة، يملى الرسائل فَلَا يجِف مدادها، وينظم القصائد لَا يعييه امتدادها، ويحبر الرّقاع ويوشيها، ويصور الْمعَانِي وينشيها، ويدبج برود البدايع ويطرز حواشيها إِلَى خطّ تهيم الْأَلْفَاظ بالتماح سطوره وتغار الرياض بممطوره، وأبوة ومجاده، وَبَيت أمطره الْفضل وجاده، وأنجبت مِنْهُ أبوة صَاحب الأشغال رَحمَه الله خلفا سد مسده، وَتجَاوز فِي السرو مَا حَده، وَلم تزل الأسماع تخْطب بدايعه، وأسواق الأشواق تغلى بضايعه، حَتَّى أصبح فَردا فِي أترابه، وفذا فِي أغرابه، وَله نفس عذرية الشمايل، ولسان هام بزهر الرياض وظل الخمايل، وطبع إِلَى شيم الرصافة وَالْحسن مايل

وَمن ذَلِك فِي وصف أبي عبد الله بن مصادف الرندي

من شُيُوخ الطَّرِيقَة العملية ومنتحلي الصِّنَاعَة الأدبية

كَانَ رَحمَه الله مَجْمُوع ظرف، ومسرح كل طرف، من خطّ بارع، وأدب إِلَى دواعي الْإِجَابَة مسارع، وَلما صَار أَمر رنده، كلأها الله، عِنْد اشتعال الْحَرْب،

<<  <  ج: ص:  >  >>