بِالْإِحْسَانِ، وَإِن كَانَ غَرِيب الْوَجْه وَالْيَد وَاللِّسَان، وَقد أثبت من شعره مَا يشْهد بجلالة آدابه، وَتعلق الْإِحْسَان بأهدابه.
وَمن ذَلِك فِي وصف الْقَائِد أبي جَعْفَر أَحْمد بن خير
قَائِد مليح الشيبة، ممتزج المباسطة بالهيبة، يجمع بَين الدعابة وَالْوَقار، وَيُدبر من الفكاهة كؤوسا تزري بكؤوس الْعقار، وَله أَصَالَة قَامَت على الْعلم أَرْكَانهَا، واشتهر بحمص أَعَادَهَا الله مَكَانهَا، ووسائل إِلَى السّلف الْكَرِيم عظم ذمامها، وَثبتت أَحْكَامهَا، وحظوة ظفر مِنْهَا بالأمل، وارتضع أخلافها بَين القيادة وَالْعَمَل، تنَاول خطة الْمَدِينَة فأجراها، وراش نبل الْأَحْكَام وبراها، وَبشر أبشار ألى الْفساد وفراها، وَفرق حَتَّى بَين الجفون وكراها , فكم عاشق انتجز للوصل ميعادا وارتقب للسعد إسعادا، وظفر بمثير غرامه، وموقد ضرامه فِي مجْلِس تجلت فِيهِ عروس الكاس، عَن فرش الْورْد والآس، وَعند سُجُود الإبريق، ومزج المدامة بالريق، وثب ابْن خير هَذَا وثوب اللَّيْث، وَسقط عَلَيْهِ سُقُوط الْغَيْث، فراع غزال ذَلِك الكناس، وَفرق بَين روح المدام وجسم الكاس، حَتَّى ذعرت الْقُلُوب لسطوته، وتشوفت الآذان إِلَى إحساس خطوته. كل ذَلِك بِعدْل ميزَان قَائِم، وجزالة، لَا يثنيها فِي الْحق لايم، وبسالة تشهد المواقع بمضايها، وتثنى عَلَيْهِ السيوف عِنْد انتضابها. واصطنعه هَذَا الْمقَام اليوسفي، أَعْلَاهُ الله، فارتضاه للأمانة الْعُظْمَى، وقلده حفظ أَبْوَاب معقله الأسمى، فاعطى الْقوس باريا، وقلد الخطة حساما واريا، وَهُوَ لطيف الْمحل لَدَيْهِ وحظى بَين يَدَيْهِ، يستظرف نادرته العذبة، ويبدي لَهُ الْقبُول والمحبة، وَله أدب عذب الْجَانِب سهل المذانب، لَا زَالَ ينفث بضربه ويستفز عِنْد نظمه عوائد طربه.
وَمن ذَلِك فِي وصف أبي جَعْفَر بن غفرون من الْجند
نير مَا طلع حَتَّى أفل، وَمَا جد فِي حلل الْفضل رفل، ألطف النَّاس فِي معاشرة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute