التنكير. فقد ترى كيف آل الكلام من لفظ التنكير إلى معنى التعريف، وفيه مع ذلك لفظ الرضا باليسير، فإذا جاز أن يرضى الإنسان من مخلوق مثله بما رضى به الشاعر من محبوبه بما دل عليه قوله، أنشده ابن الأعرابى:
وإنى لأرضى منك … يا ليل بالذى
لو أبصره الواشى لقرّت بلابله
بلا وبأن لا أستطيع وبالمنى … وبالوعد حتى يسأم الوعد آمله
وبالنظرة العجلى وبالحول تنقضى … أواخره لا نلتقى وأوائله
وأنشدنى بعض أصحابنا لبعض المولدين:
عدينا واكذبينا وامطلينا … فقد أومنت من سوء العقاب
فلسنا من وعيدك فى ارتياب … ولا من صدق وعدك فى اقتراب
ولكنا لشؤم الجدّ منا … نفرّ من العذاب إلى العذاب
وعليه قول الآخر:
علّلينى بموعد … وامطلى ما حييت به
ودعينى أعيش من … ك بنجوى تطلّبه
فعسى يعثر الزما … ن بجنبى فينتبه
ونظائره كثيرة، قديمة ومولّدة-كان العبد البرّ والزاهد المجتهد أحرى أن يسأل خالقه جل وعز، مقتصدا فى سؤاله، وضامنا من نفسه السمع والطاعة على ذلك ممن يأمره.
ويؤكد عندك مذهب ما أنشدته آنفا ما حدثنا به أبو على قال: لما قال كثير:
ولست براض من خليلى بنائل … قليل ولا أرضى له بقليل
قال له ابن أبى عتيق: هذا كلام مكافئ، هلا قلت كما قال ابن الرقيات: