الحمد لله حمدا طيبا مباركا، متصلا ما دامت الأرض والسماء. الحمد لله الذى أمد لعباده فى عفوه ولم يأخذهم بما اقترفته أيديهم، إنه-سبحانه-الغفور الرحيم، تعالى عما يصفون. . وسلام على المرسلين. .
وبعد:
لقد فتح الله لأمة نبيه الخاتم صلى الله عليه وسلم من أبواب رحمته ما لم يفتح قبله مثله، منذ أن اصطفاهم بخيرة الأنبياء والمرسلين، النبى الأمى محمد بن عبد الله صلوات الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وحتى أدخلهم الجنان بمنّه وفضله، وأنعم عليهم النعمة كلها وفضلهم على كثيرا ممن خلق تفضيلا، فالحمد له-تعالى-كما ينبغى لجلال وجهه وعظيم سلطانه.
ومن أبواب الرحمة التى فتحها الله على الأمة الإسلامية-وهى أكثر من أن تحصى أو تعد -أن جعل فيهم القرآن هاديا مرشدا، فيه خبر الأولين ونبأ الآخرين، وحفظه من كل سوء وعبث:{إِنّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنّا لَهُ لَحافِظُونَ} وتلك مزية لم تكن لغيره من الكتب قبله.
وزاد الله فى فضله-وهو سبحانه أهل الفضل-فيسر عليهم فيه، التيسير كله، فأباح لهم قراءته، كل على قدر طاقته تخفيفا عليهم، ورحمة منه، فقرأه الناس على حروفهم ولم يلتزموا حرفا واحدا، وإن التزموا فى العمل وامتثلوا هدى نبيهم صلّى الله عليه وسلم، فجاءت أفعالهم واحدة، وإن شاب قراءتهم بعض الاختلاف.
فالحمد لله لا نحصى ثناء عليه، هو كما أثنى على نفسه.
وقد اهتم المسلمون بذلك الباب من أبواب رحمة ربهم-نعنى علم القراءات-أيّما اهتمام، وأفردوا له من المجلدات والأسفار الكثير؛ دلالة منهم على شكر النعمة التى أنعم عليهم ربهم عز وجل.