ويقول فى الخصائص فى «باب فيما يرد عن العربىّ مخالفا لما عليه الجمهور»: «ودخلت يوما على أبى علىّ-رحمه الله-خاليا فى آخر النهار، فحين رآنى قال لى: أين كنت؟ أنا أطلبك. قلت: وما ذلك؟ قال: ما تقول فيما جاء عنهم من حوريت؟ فخضنا معا فيه، فلم نحل بطائل منه.
فقال: هو من لغة اليمن، ومخالف للغة ابنى نزار، فلا ينكر أن يجئ مخالفا لأمثلتهم».
وقد ينهج فى تأليفه منهجا غير منهج شيخه أحرى عنده بالاتباع.
وقد ألف أبو علىّ «الحجة» فى توجيه القراءات السبعة، وألف ابن جنى «المحتسب» فى توجيه الشواذ من القراءات، ويقول فى خطبة هذا الكتاب: «إلا أننا-مع ذلك-لا ننسى تقريبه على أهل القرآن ليحيطوا به. فإن أبا علىّ-رحمه الله-عمل كتاب الحجة فى القراءات، فتجاوز فيه قدر حاجة القراء، إلى ما يجفو عنه كثير من العلماء».
وقد يذكر موضع اجتماعه بأبى علىّ. فهو فى الخصائص ١٢١/ ١ يقول: «فقال لى أبو علىّ بالشام» وفى «باب فى الاستخلاض من الأعلام معانى الأفعال» يذكر أن أبا علىّ أنشده بيتا وهما فى دار الملك.
والأقرب أنها دار الملك لآل بويه فى بغداد، وكان لهم دار ملك أيضا فى شيراز.
وفى «باب التفسير على المعنى دون اللفظ» أنه كان معه بحلب سنة ٣٤٦ هـ، وظاهر أن ذلك كان عند سيف الدولة ابن حمدان.
وقد يكتب إليه فى غيبته عنه فى مسائل علمية.
وفى سرّ الصناعة «حرف الياء»: «وكتب إلىّ أبو علىّ من حلب فى جواب شئ سألته عنه».
***
[صحبته للمتنبى]
وقد صحب المتنبى واجتمع به بحلب عند سيف الدولة ابن حمدان، وفى شيراز عند عضد الدولة. وكان المتنبى يجله، ويقول فيه: هذا رجل لا يعرف قدره كثير من الناس.
وكان المتنبى إذا سئل عن شئ من دقائق النحو والتصريف فى شعره، يقول: سلوا صاحبنا أبا الفتح.
ويقول فى مسالك الأبصار: «وكان أبو الطيب المتنبى إذا سئل عن معنى قاله، أو توجيه إعراب، حصل فيه إغراب، دل عليه، وقال: عليكم بالشيخ الأعور ابن جنى فسلوه، فإنه يقول ما أردت وما لم أرد».
وترجع مقالة المتنبى الأخيرة، إذا صح نسبتها إليه، إلى سعة علم ابن جنى وتشعب