للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[سورة الرحمن]

{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}

{وَالسَّماءَ رَفَعَها} (٧)

قرأ أبو السّمال: «والسّماء رفعها»، رفع (١).

قال أبو الفتح: الرفع هنا أظهر من قراءة الجماعة؛ وذلك أنه صرفه إلى الابتداء؛ لأنه عطفه على الجملة الكبيرة التى هى قوله تعالى: {وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ} (٢)، فكما أن هذه الجملة مركبة من مبتدأ وخبر، فكذلك قوله تعالى: {وَالسَّماءَ رَفَعَها} جملة من مبتدأ وخبر، معطوفة على قوله: {وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ}.

وأما قراءة العامة بالنصب: {وَالسَّماءَ رَفَعَها} فإنها معطوفة على {يَسْجُدانِ} وحدها، وهى جملة من فعل وفاعل، والعطف يقتضى التماثل فى تركيب الجمل، فيصير تقديره: يسجدان، ورفع السماء. فلما أضمر. «رفع» فسره بقوله: {رَفَعَها} كقولك: قام زيد، وعمرا ضربته، أى: وضربت عمرا؛ لتعطف جملة من فعل وفاعل على أخرى مثلها.

وفى نصب «السماء» على قراءة العامة ردّ على أبى الحسن فى امتناعه أن يقول: زيد ضربته وعمرا كلمته، على أن يكون تقديره: وكلمت عمرا، عطفا على ضربته، قال: لأن قولك: «ضربته» جملة ذات موضع من الإعراب؛ لكونها خبر مبتدأ، وقولك: وكلمت عمرا، لا موضع لها من الإعراب؛ لأنها ليست خبرا عن زيد؛ لخلوها من ضميره، قال: فلا يعطف جملة غير ذات موضع على جملة ذات موضع؛ إذا العطف نظير التثنية، فينبغى أن يتناسب المعطوف والمعطوف عليه.

وهذا ساقط عند سيبويه؛ وذلك أن ذلك الموضع من الإعراب لما لم يخرج إلى اللفظ


(١) انظر: (مختصر شواذ القراءات ١٤٩، الرازى ٨٩/ ٢٩، البحر المحيط ١٨٩/ ٨، القرطبى ١٥٤/ ١٧، الكشاف ٤٤/ ٤، مجمع البيان ١٩٦/ ٩).
(٢) سورة الرحمن الآية (٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>