للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[سورة النمل]

{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}

{فَلَمّا جاءَها نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النّارِ وَمَنْ حَوْلَها وَسُبْحانَ اللهِ رَبِّ الْعالَمِينَ} (٨)

قراءة أبىّ: «تباركت الأرض».

قال أبو الفتح: هو تفاعل من البركة، وهو توكيد لمعنى البركة، كقولك: تعالى الله، فهو أبلغ من علا، وكقول العجاج: (١)

تقاعس العزّ بنا فاقعنسسا

فهو أبلغ معنى من قعس، كما أن احدودب أقوى معنى من حدب، واعشوشب أقوى من أعشب؛ وذلك لكثرة الحروف.

وأصل هذا كله من فعّل فى الفعل، كقطعت وكسّرت، ألا تراها أقوى معنى من قطعت وكسرت؟ وعليه جاء قوله: {أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ} (٢)، فهو أبلغ من قادر. ولهذا جاء قوله: {لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اِكْتَسَبَتْ} (٣)، فعبّر عن لفظ الحسنة بكسب؛ وذلك لاحتقار الحسنة إلى ثوابها؛ لقوله تعالى: {مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها} (٤) وجاء «اكتسبت» فى السيئة، تنفيرا عنها، وتهويلا وتشنيعا بارتكابها. ألا ترى إلى قوله تعالى: {تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً} (٥)؟ فافهم هذا، وابن عليه.

قال أمية:


(١) انظر: (ديوانه ٣٣).
(٢) سورة القمر الآية (٤٢).
(٣) سورة البقرة الآية (٢٨٦).
(٤) سورة الأنعام (١٦٠).
(٥) سورة مريم الآيتان (٩٠،٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>