للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تبارك ام صدّيق حقّا … كان من كل عتيقا

خالق الخلق جميعا … ويعود الخلق صيقا

أى ترابا. والتاء فى «تبارك» زائدة على بناء البيت، ومعتدة خزما كالواو فى قوله (١):

وكأنّ ثبيرا فى عرانين وبله (٢) … كبير أناس فى بجاد مزمّل (٣)

فالواو خزم، وهذا يكاد يسقط حكم ما يبنى من الزوائد فى الكلم حتى يحسن له تحقير الترخيم، نحو قولهم: فى حارث حريث، وفى أزهر زهير. ألا تراه كيف خزم بتاء «تبارك» وإن كانت مصوغة فى نفس المثال كما تخزم حروف المعانى المنفصلة من المثل، كواو العطف، وفائه، وبل، وهل، ويا، ونحو ذلك؟ ولهذا قالوا أيضا فى تكسير فعلان: فعلان، ككروان وكروان، وشقذان وشقذان، فأجروه مجرى فعل وفعلان، نحو خرب وخربان، وشبث وشبثان، وبرق وبرقان. فاعرف ذلك إلى ما يليه من نحوه بمشيئة الله.

***

{كَأَنَّها جَانٌّ} (١٠)

ومن ذلك قراءة الحسن وعمرو بن عبيد: «كأنّها جأن» (*١).

قال أبو الفتح: قد تقدم القول على نظير هذا فيما مضى من الكتاب، وذكرناه أيضا فى الخصائص (*٢)، وفى سر الصناعة (*٣)، وفى المنصف (٤)، وفى التمام، وغيره من مصنفاتنا وإنما كررناه لإعراب القول فى معناه.

***

&


(١) لامرئ القيس من معلقته الشهيرة.
(٢) فى المعلقة: «كأن ثبيرا فى عرانين وبله».
(٣) ثبير: جبل بعينه، العرنين: الأنف، وقال جمهور الأئمة: هو معظم الأنف، والجمع العرانين، ثم استعار العرانين لأوائل المطر لأن الأنوف تتقدم الوجوه. البجاد: كساء مخطط، والجمع البجد. التزميل: التلفيف بالثياب، وقد زملته بثياب فتزمل بها؛ أى: لففته فتلفف بها، وجر مزملا على جوار بجاد وإلا فالقياس يقتضى رفعه.
(*١) وقراءة الزهرى. انظر: (الكشاف ١٣٨/ ٣، الرازى ١٨٤/ ٢٤، البحر المحيط ٥٦/ ٧، الآلوسى ١٦٣/ ١٩).
(*٢) انظر: (الخصائص ١٢٨/ ٣).
(*٣) انظر: (سر صناعة الإعراب ٨٣/ ١).
(٤) انظر: (المنصف ١٤٩/ ١).

<<  <  ج: ص:  >  >>