للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{إِلاّ مَنْ ظَلَمَ} (١١)

ومن ذلك قراءة زيد بن أسلم وأبى جعفر القارئ: «ألا من ظلم» (١)، بفتح الهمزة، خفيفة اللام.

قال أبو الفتح: «من» هاهنا مرفوعة بالابتداء، وخبره «ظلم»، كقول: من يقم أضرب زيدا، فيقم خبر عن «من» حيث كان شرطا. وكأن من عدل إلى هذا جفا عليه انقطاع الاستثناء فى القراءة الفاشية. و «من» هناك منصوبة على الاستثناء، وهو منقطع بمعنى لكن، فقوله تعالى: {إِنِّي لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ إِلاّ مَنْ ظَلَمَ} معناه: لكن من ظلم كان كذا. ولعمرى إن الاستثناء المنقطع فاش فى القرآن وغيره، إلاّ أنه-مع ذلك- محوج إلى التأول وإعمال القياس والتمحّل.

***

{مُبْصِرَةً} [النمل:١٣]

ومن ذلك قراءة قتادة وعلى بن الحسين: «مبصرة» (٢).

قال أبو الفتح: هو كقولك: هدى، ونورا. وقد كثرت المفعلة بمعنى الشّياع والكثرة فى الجواهر والأحداث جميعا، وذلك كقولهم: أرض مضبّة: كثيرة الضّباب، ومثعلة: كثيرة الثعالى، ومحياة ومحواة ومفعاة: كثيرة الحيات والأفاعى، فهذا فى الجواهر. وأما الأحداث فكقولك: البطنة موسنة، وأكل الرطب موردة ومحمّة. ومنه المسعاة، والمعلاة، والحقّ مجدرة بك، ومخلقة ومعساة، ومقمنة، ومحجاة. وفى كله معنى الكثرة من موضعين:

أحدهما: المصدرية التى فيه، والمصدر إلى الشّياع والعموم والسعة.

والآخر: التاء، وهى لمثل ذلك، كرجل راوية، وعلاّمة، ونسّابة، وهذرة؛ ولذلك كثرت المفعلة فيما ذكرناه لإرادة المبالغة.

***


(١) انظر: (الكشاف ١٣٨/ ٣، الرازى ١٨٤/ ٢٤، مجمع البيان ٢١٢/ ٧، البحر المحيط ٥٧/ ٧).
(٢) انظر: (الأخفش ٤٢٨/ ٢ مجمع البيان ٢١٢/ ٧، الكشاف ١٣٩/ ٣، العكبرى ٩٣/ ٢، البحر المحيط ٥٨/ ٧، الرازى ١٨٤/ ٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>