ومن ذلك قراءة الأعرج والحسن، بخلاف:«وترى النّاس سكرى وما هم بسكرى»(١). وروينا عن أبى زرعة أنه قرأها أيضا:«سكرى» بضم السين والكاف ساكنة، كما رواه ابن مجاهد عن الحسن والأعرج.
قال أبو الفتح: يقال رجل سكران وامرأة سكرى، كغضبان وغضبى. وقد قال بعضهم: سكرانة، كما قال بعضهم: غضبانة، والأول أقوى وأفصح. فأما فى الجميع فيقال: سكارى بفتح السين، وسكارى بضمها، وسكرى كصرعى وجرحى؛ وذلك لأن السكر علّة لحقت عقولهم، كما أن الصّرع والجرح علة لحقت أجسامهم. وفعلى فى التكسير مما يختص به المبتلون، كالمرضى، والسّقمى، والموتى، والهلكى. وبكلّ قد قرأ الناس. فأما «سكارى»، بفتح السين فتكسير لا محالة، وكأنه منحرف به عن سكارين، كما قالوا: ندمان وندامى، وكان أصله ندامين، وكما قالوا فى الاسم: حومانة وحوامين، ثم إنهم أبدلوا النون ياء، فصار فى التقدير سكارىّ، كما قالوا: إنسان وأناسىّ، وأصله أناسين، فأبدلوا النون ياء، وأدغموا فيها ياء فعاليل. فلما صار سكارىّ حذفوا إحدى الياءين تخفيفا. فصار سكارى، ثم أبدلوا من الكسرة فتحة ومن الياء ألفا، فصار سكارى، كما قالوا فى مدار وصحار ومعاى: مدارى وصحارى ومعايا.
ويدل على أنه قد كان فى الأصل أن يقال فى تكسير سكران: سكارين بالنون ما أنشده الفراء:
إن يهبط الضّبّ أرض النّون ينصره … يهلك ويعل عليه الماء والطّين
&
(١) وقراءة الأعمش، وابن جبير. انظر: (مختصر شواذ القراءات ٩٤، الكشاف ٤/ ٣، البحر المحيط ٣٥٠/ ٦، الرازى ٤/ ٢٣).