للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ} (١): إنه أراد يا هؤلاء، وحذف حرف النداء من حيث كان «هؤلاء» من أسماء الإشارة، وهو جائز أن يكون وصفا فى نحو قوله (٢):

ألا أيّها ذا المنزل الدّارس الّذى … كأنّك لم يعهد بك الحىّ عاهد (٣)

و «ربّ» مما يجوز أن يكون وصفا لأىّ، ألا تراك تجيز يأيها الربّ؟ قال أصحابنا: فلم يكونوا ليجمعوا عليه حذف موصوفه وهو «أى»، وحذف حرف النداء جميعا.

وعلى أن هذا قد جاء فى المثل، وهو قولهم: افتد مخنوق، وأصبح ليل، وأطرق كرا. يريد يا مخنوق، ويا ليل، ويا كروان. وعلى أن الأمثال عندنا وإن كانت منثورة، فإنها تجرى فى تحمّل الضرورة لها مجرى المنظوم فى ذلك.

قال أبو على: لأن الغرض فى الأمثال إنما هو التسيير، كما أن الشعر كذلك؛ فجرى المثل مجرى الشعر فى تجوّز الضرورة فيه، ومن الشعر قوله:

عجبت لعطّار أتانا يسومنا … بدسكرة المرّان دهن البنفسج

فقلت له عطّار هلاّ أتيتنا … بنور الخزامى أو بخوصة عرفج

أراد يا عطار.

وقد ذكرنا هذا فى غير موضع من كتبنا، وإنما قال ابن مجاهد: والألف ساقطة لأجل قراءة ابن عباس وعكرمة ويحيى بن يعمر والجحدرى والضحاك وابن محيصن: «ربّى أحكم بالحقّ» (٤)، بياء ثابتة، وفتح الألف والكاف، ورفع الميم.

***


(١) سورة هود الآية (٨٧).
(٢) البيت لذى الرمة. انظر: (ديوانه ١٢٢، الكتاب ١٩٣/ ٢، أمالى ابن الشجرى ١٥٢/ ٢، شرح المفصل ٧/ ٢).
(٣) يروى فى ديوانه (١٢٢): «ألا أيها الربع الذى غيره البلى». يقول: كأن هذا المنزل لدروسه وانطماس معالمه لم يقم فيه أحد ولا عهد به فيما مضى. والشاهد فيه نعت «أى» باسم الإشارة، وهو مثل «أى» فى إبهامها، فأجرى المنزل على هذا لأنه مفرد مثله. انظر: (هامش الكتاب ١٩٣/ ٢).
(٤) انظر: (الفراء ٢١٤/ ٢، النحاس ٣٨٧/ ٢، البحر المحيط ٣٤٥/ ٦، القرطبى ٣٥١/ ١١، الطبرى ٨٤/ ١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>