{الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ}(١) من ذلك قراءة أبى عبد الرحمن عبد الله بن يزيد: «الذى تساءلون به والأرحام»، رفعا، قراءة ثالثة.
قال أبو الفتح: ينبغى أن يكون رفعه على الابتداء وخبره محذوف، أى: والأرحام مما يجب أن تتقوه وأن تحتاطوا لأنفسكم فيه، وحسن رفعه لأنه أوكد فى معناه. ألا ترى أنك إذا قلت: ضربت زيدا فزيد فضلة على الجملة، وإنما ذكر فيها مرة واحدة؟. وإذا قلت: زيد ضربته فزيد ربّ الجملة، فلا يمكن حذفه كما حذف المفعول على أنه نيّف وفضلة بعد استقلال الجملة، نعم ولزيد فيها ذكران.
أحدهما: اسمه الظاهر، والآخر: ضميره وهو الهاء. ولما كانت الأرحام فيما يعنى به ويقوّى الأمر فى مراعاته-جاءت بلفظ المبتدأ الذى هو أقوى من المفعول.
وإذا نصبت الأرحام أو جرّت فهى فضلة، والفضلة متعرضة للحذف والبذلة.
فإن قلت: فقد حذف خبر الأرحام أيضا على قولك، قيل: أجل، ولكنه لم يحذف إلا بعد العلم به، ولو قد حذفت الأرحام منصوبة أو مجرورة فقلت:«وَاِتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ» لم يكن فى الكلام دليل على الأرحام أنها مرادة أو مقدرة، وكلما قويت الدلالة على المحذوف كان حذفه أسوغ، ونحو من رفع الأرحام هنا بعد النصب والجر قول الفرزدق:
يأيها المشتكى عكلا وما جرمت … إلى القبائل من قتل وإبآس
إنا كذلك إذ كانت همرّجة … نسبى ونقتل حتى يسلم الناس