الإجماع والنصوص المترادفة على أن ترتيب الآيات توقيفى لا شبهة فى ذلك، أما الإجماع، فنقله غير واحد منهم الزركشى فى البرهان وأبو جعفر بن الزبير فى مناسباته وعبارته: ترتيب الآيات فى سورها واقع بتوقيفه صلى الله عليه وسلم وأمره، من غير خلاف فى هذا بين المسلمين، انتهى.
وسنذكر من نصوص العلماء ما يدل عليه، وأما النصوص فمنها حديث زيد السابق:«كنا عند النبى صلى الله عليه وسلم نؤلف القرآن من الرقاع».
ومنها ما أخرجه أحمد وأبو داود والترمذى والنسائى وابن حبان والحاكم عن ابن عباس، قال:«قلت: لعثمان ما حملكم على أن عمدتم إلى الأنفال، وهى من المثانى، وإلى براءة، فقرنتم بينهما، ولم تكتبوا بينهما سطر: بسم الله الرحمن الرحيم ووضعتموهما فى السبع الطوال؟.
فقال عثمان: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم تنزل عليه السورة ذات العدد، فكان إذا نزل عليه الشئ دعا بعض من كان يكتب، فيقول: هؤلاء الآيات فى السورة التى يذكر قصتها شبيهة بقصتها، فظننت أنها منها، فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبين لنا أنها منها، فمن أجل ذلك قرنت بينهما، ولم أكتب بينهما سطر: بسم الله الرحمن الرحيم، ووضعتهما فى السبع الطوال.
ومنها ما أخرجه أحمد، بإسناد حسن، عن عثمان بن أبى العاص، قال: كنت جالسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ شخص ببصره، ثم صوبه، ثم قال: أتانى جبريل، فأمرنى أن أضع هذه الآية هذا الموضع من هذه السورة:{إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى} إلى آخرها.
ومنها ما أخرجه البخارى عن ابن الزبير، قال: قلت لعثمان: والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا، قد نسختها الآية الأخرى، فلم تكتبها أو تدعها؟ قال: يا ابن أخى، لا أغير شيئا منه من مكانه.
ومنها ما رواه مسلم عن عمر قال: ما سألت النبى صلى الله عليه وسلم عن شئ أكثر مما سألته عن الكلالة حتى طعن بإصبعه فى صدرى، وقال: تكفيك آية الصيف التى فى آخر سورة النساء.
ومنها الأحاديث فى خواتيم سورة البقرة.
ومنها ما رواه مسلم عن أبى الدرداء مرفوعا: من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف، عصم من الدجال. وفى لفظ: من قرأ العشر الأواخر من سورة الكهف.
ومن النصوص الدالة على ذلك إجمالا ما ثبت من قراءته صلى الله عليه وسلم لسور عديدة كسورة «البقرة» و «آل عمران» و «النساء» فى حديث حذيفة.