{ثُمَّ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اُسْجُدُوا لِآدَمَ}(١١) من ذلك قراءة أبى جعفر: «ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم»، بضم الهاء.
قال أبو الفتح: هذا مذهب ضعيف جدا، وذلك أن الملائكة مجرورة، ولا يجوز أن يكون حذف همزة اسجدوا وألقى حركتها على الهاء، من موضعين:
أحدهما: أن هذا التخفيف إنما هو فى الوصل، والوصل يحذف هذه الهمزة أصلا إذ كانت همزة وصل، فياليت شعرى من أين له همزة أصلا فى الوصل حتى يلقى حركتها للتخفيف-على ما قبلها، وليست كذلك الهمزات التى تلقى للتخفيف حركاتهن على ما قبلهن؛ لأنّ لك أن تثبت هذه الهمزة قبل حذفها للتخفيف؟ ألا تراك أنك إذا خفّفت همزة أنت من قولك: من أنت جاز من انت؛ لأن لك أن تحققها قبل التخفيف فتقول:
من أنت؟ وليس لك أن تثبت همزة «اسجدوا» فى الوصل فتقول: للملائكة أسجدوا فيجوز تخفيفها فيما بعد. وهذا واضح، وهو أذهب فى الفحش من قول الفراء: من فتح ميم من قوله تعالى: «ألف لام ميم الله» إنه حذف همزة «الله» وألقى حركتها على ميم «ميم»؛ لأن له أن يقول: إن الهجاء عندنا على الوقف، فإذا وصل فإنه مع ذلك ينوى الوقف، والوقف يجوز معه قطع همزة الله، وليس كذلك «ثُمَّ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اُسْجُدُوا»، لأنه ليس من حروف الهجاء فينوى فيه الوقف عليه ثم تخفف همزته، وعلى أن مذهب الفراء هناك أيضا مدفوع عندنا لا يخفّف إلا فى الوصل، والوصل يسقط همزة اسم الله تعالى، فالطريق فى الفساد واحدة، وإن كان فيه فى قول الفراء ذلك القدر من تلك الشبهة الضعيفة.
فإن قال الفراء: قولهم: «نون والقلم» بترك إدغام النون فى الواو يدل أن نية الوقف