فى هذه الحروف مع الوصل موجودة، إذ لو كانت موصولة البتة لوجب الإدغام، وأن يقال:«نووّ القلم»، كما تدغم النون فى الواو من قوله عز وجل:{ما لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ}.
قيل له: ولو كانت فى وصلها على حكم الوقف البتة عليها لوجب إظهار النون فقيل: «نون والقلم» بإظهار النون؛ لقولك فى الوقف: نون بإظهار النون، فترك إظهار النون من قوله تعالى:{ن وَالْقَلَمِ} يدل على نيّة الوصل، وإنما لم يكن هناك إدغام لعمرى تعقّبا لما كان عليه من الوقف، وإلا فهو موصول لا محالة، وإذا كان موصولا وجب حذف الهمزة أصلا، وإذا حذفت أصلا لم تجد هناك لفظا تحقّقه أو تخففه.
ويؤكد ذلك عندك قراءتهم «كاف هايا عين صاد»، بإخفاء النون من عين عند الصاد، كما تخفى فى الوصل إذا قلت: عجبت من صالح، ونحو ذلك.
فقد ترى إلى جريان هذا مع أنه حرف هجاء كجريانه فى حال وصله نون عين وسين قاف من قوله: عين سين قاف، فأخفيت النون من عين عند السين، والنون من سين عند القاف، كما تخفيفان فى: عن سالم، ومن قاسم.
ويؤكد أضا عندك إدغام الدال من صاد فى الذال من ذكر فى قوله:«عين صاد ذكر رحمة ربّك» كإدغامها فيها فى غير الهجاء، كقولك: تعهد ذلك الباب.
وهذا ينبهك على أن ترك إدغام النون من قوله:{ن وَالْقَلَمِ} إنما هو لئلا يجتمع هناك ثلاث واوات، فثقل عليهم أن يقولوا:«نووّ القلم»، ولو كان لنية الوقف البتة لظهرت الدال من «ص} {ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ». هذا أعلى القراءة وإن كان بعضهم قد أظهرها، إلاّ أن الإدغام أقوى رواية وقياسا. فهذا أحد وجهى قبح قراءة أبى جعفر:«ثمّ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم».
والآخر أن التخفيف فى نحو هذا إنما يكون إذا كان الحرف الأول قبل الهمزة ساكنا صحيحا نحو {قَدْ أَفْلَحَ}، فإذا خففت الهمزة ألقيت حركتها على الساكن قبلها