وذلك أنك إذا قلت: أدرى فلك هناك ضمير وإن كان فاعلا، فأشبه آخره، آخر مالك فيه ضمير وإن كان مضافا إليه، كقولك: غلامى ودارى. فلما تشابه الآخران بكونهما ياءين، وهناك أيضا للمتكلم ضميران، وهما المرفوع فى «أدرى» والمجرور فى «دارى» و «غلامى» -أشبه آخر «أدرى» -لما ذكرنا-آخر «دارى» و «صاحبى»، ففتحت الياء فى «أدرى» كما تفتح فى نحو «دارى»، و «غلامى».
ولا تستبعد فى الشبه نحو هذا، فقد همزوا مصائب لمّا أشبه حرف اللين فى مصيبة- وإن كانت عينا-حرف اللين فى صحيفة وإن كان زائدا. وقالوا ما هو أعلى من هذا، وهو أنهم تركوا صرف أحمد وأصرم لمّا أشبها بالمثال نحو أركب وأذهب، وقالوا أيضا: مسيل، وهو من سال يسيل وياؤه عين، ثم عاملوها معاملة ياء فعيل الزائدة، فقالوا: أمسلة، كما قالوا: أجربة، قالوا: سالت معنانه، فحذفوا ياء معين، وهو من العيون، وأجروها مجرى ياء قفيز وقفزان الزائدة، هذا هو الظاهر. فأما قولهم: مسيل ومسل، وأمعن بحقه: إذا أجاب إليه وانقاد له-فقد يجوز أن يكون إنما ساغ ذلك لما سمعوهم يقولون: معنان وأمسلة، كما قال أبو بكر-فى قولهم. ضفن الرجل يضفن-: إذا جاء ضيفا مع الضيف-: لما قالوا: ضيفن، فأشبه فيعلا، فصارت النون فى ضيفن كالأصل، إلا أن فيعلا أكثر من فعلن، فاشتق منه على أقوى ما يجب فى مثله، فثبتت النون فى ضفن لا ما وإن كانت فى ضيفن زائدة، فكذلك شبهوا ياء «أدرى» بياء «غلامى» و «دارى» من حيث ذكرنا، فاعرفه كالعذر أو عذرا.
***
{قالَ رَبِّ اُحْكُمْ}(١١٢)
ومن ذلك قراءة أبى جعفر:«قل ربّ احكم»(١)، بضم الباء، والألف ساقطة على أنه نداء مفرد.
قال أبو الفتح: هذا عند أصحابنا ضعيف، أعنى حذف حرف النداء مع الاسم الذى يجوز أن يكون وصفا لأى، ألا تراك لا تقول: رجل أقبل، لأنه يمكنك أن تجعل الرجل وصفا لأىّ، فتقول: يأيها الرجل؟ ولهذا ضعف عندنا قول من قال فى قوله تعالى: