للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أو يهبط النّون أرض الضّبّ ينصره … يهلك ويأكله قوم غراثين

فهذا تكسير غرثان، ومؤنثه غرثى. أخبرنا أبو على عن الفراء بقول الشاعر:

ممكورة غرثى الوشاح السّالس … تضحك عن ذى أشر عضارس

وأما «سكارى» بالضم فى السين فظاهره أن يكون اسما مفردا غير مكسّر كجمادى وحمادى وسمانى وسلامى.

وقد يجوز أن يكون مكسّرا مما جاء على فعال: كالظؤار، والعراق، والرخال، والثناء، والتؤام، والرّباب، إلا أنه أنث بالألف كما أنث بالهاء فى قولهم: النّقاوة. قال أبو علىّ: وهو جمع نقوة، وأنّث كما أنّث فعال فى نحو: حجارة وذكارة وعيارة.

وأما «سكرى»، بضم السين فاسم مفرد على فعلى، كالحبلى؛ والبشرى. وبهذا أفتانى أبو على، وقد سألته عن هذا.

***

{وَرَبَتْ} (٥)

ومن ذلك قراءة أبى جعفر: «وربأت» بالهمز (١)، ورويت عن أبى عمرو بن العلاء.

قال أبو الفتح: المسموع فى هذا المعنى ربت؛ لأنه من ربا يربو: إذا ذهب فى جهاته زائدا، وهذه حال الأرض إذا ربت. وأما الهمز فمن ربأت القوم: إذا أشرفت مكانا عاليا لتنظر لهم وتحفظهم. وهذا إنما فيه الشخوص والانتصاب، وليس له دلالة على الوفور والانبساط، إلا أنه يجوز أن يكون ذهبه إلى علوّ الأرض؛ لما فيه من إفراط الرّبوّ، فإذا وصف علوّها دل على أن الزيادة قد شاعت فى جميع جهاتها؛ فلذلك همز، وأخذه من ربأت القوم؛ أى: كنت لهم طليعة. وهذا مما يذكر أحد أوصافه، فيدل على بقية ذلك وما يصحبه. ألا ترى إلى قوله:

كأنّ أيديهنّ بالموماة … أيدى جوار بتن ناعمات (٢)

ولم يرد الشاعر أنّ أيدى الإبل ناعمة، وكيف يريد؟، ذلك وإنما المعتاد المألوف فى


(١) وقراءة عبد الله بن جعفر، وخالد بن إلياس. انظر: (الإتحاف ٣١٣، البحر المحيط ٣٥٣/ ٦، التبيان ٢٥٨/ ٧، الكشاف ٦/ ٣، الفراء ٢١٦/ ٢، القرطبى ١٣/ ١٢، النشر ٣٢٥/ ٢، تحبير التيسير ١٤٤).
(٢) سبق الاستشهاد به فى (٢١٦/ ١).

<<  <  ج: ص:  >  >>