للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سقط حكمه، وجرت الجملة ذات الموضع كغيرها من الجملة غير ذات الموضع، كما أن الضمير فى اسم الفاعل لما يظهر إلى اللفظ جرى مجرى ما لا ضمير فيه فقيل: فى تثنيته: قائمان، كما قيل: فرسان ورجلان، بل إذا كان اسم الفاعل قد يظهر ضميره إذا جرى على غير من هو له ثم أجرى مع ذلك مجرى ما لا ضمير فيه لما لم يظهر فى بعض المواضع، كان ما لا يظهر فيه الإعراب أصلا أحرى بأن يسقط الاعتداد به، والكلام هنا فيه طول، وهذا كتاب شرطنا فيه اختصاره؛ ليقرب على القرأة فهمه، فمنع ذلك من تقصّيه وإغراق مدى القول فيه.

***

{وَلا تُخْسِرُوا} (٩)

ومن ذلك قراءة بلال بن أبى بردة (١): «ولا تخسروا»، بفتح التاء والسين (٢). وقرأ بلال أيضا: «ولا تخسروا» (٣)، من خسر يخسر، بخلاف.

قال أبو الفتح: «أما تخسروا» -بفتح التاء والسين-فينبغى أن يكون على حذف حرف الجر، أى: تخسروا فى الميزان، فلما حذف الجر أفضى إليه الفعل قبله، فنصبه؛ كقوله تعالى: {وَاُقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ} (٤)، أى: فى كل مرصد، وعلى كل مرصد، وكقوله:

بأسرع الشّدّ منّى يوم لانية … لمّا لقيتهم واهتزّت اللّمم

أراد بأسرع فى الشدّ، فحذف الحرف وأوصل «أسرع»، أو فعلا دل عليه أسرع هذه. وأما «تخسروا»، بفتح التاء، وكسر السين فعلى خسرت الميزان، وإنما المشهور


(١) بلال بن أبى بردة: عامر بن أبى موسى الأشعرى: أمير البصرة وقاضيها. كان راوية فصيحا أديبا. ولاه خالد القسرى سنة ١٠٩ هـ‍، فأقام إلى أن قدم يوسف بن عمر الثقفى (سنة ١٢٥ هـ‍) فعزله وحبسه، فمات ١٢٦ هـ‍ سجينا. كان ثقة فى الحديث، ولم تحمد سيرته فى القضاة. وكان يقول: إن الرجلين ليختصمان إلى فأجد أحدهما أخف على قلبى فأقضى له! وهو ممدوح ذى الرمة الشاعر. انظر: (تهذيب التهذيب ٥٠٠/ ١، خزانة البغدادى ٤٥٢/ ١ الأعلام ٧٢/ ٢).
(٢) وقراءة أبان، وعثمان. انظر: (البحر المحيط ١٨٩/ ٨، القرطبى ١٥٥/ ١٧، التبيان ٤٦٤/ ٩، العكبرى ١٣٥/ ٢).
(٣) انظر: (مختصر شواذ القراءات ١٤٩، الكشاف ٤٤/ ٤، البحر المحيط ١٨٩/ ٨، مجمع البيان ١٩٦/ ٩).
(٤) سورة التوبة الآية (٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>