وأما تحريم اتباعها بنار وشق الجيب والدعاء بالويل والثبور فلحديث أبي بردة قال: أوصى أبو موسى حين حضره الموت فقال: لا تتبعوني بمجمر قالوا أوسمعت فيه شيئا؟ قال نعم من رسول الله صلى الله عليه وسلم" أخرجه ابن ماجه وفي إسناد مجهول وقد كان هذا الفعل من أفعال الجاهلية وفي الصحيحين وغيرهما من حديث ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية".
وأما كونه لا يقعد المتبع لها حتى توضع فلحديث "إذا رأيتم الجنازة فقوموا لها فمن اتبعها فلا يجلس حتى توضع" وهو في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي سعيد وأخرج أبو داود من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه نحو وقد وردت أحاديث صحيحة في القيام للجنازة إذا مرت بمن كان قاعدا كحديث "إذا رأيتم الجنازة فقوموا لها حتى تخلفكم أو توضع" وهو في الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عمر وغيره وأخرج مسلم رحمه الله من حديث على رضي الله عنه قال: "قام النبي صلى الله عليه وسلم يعنى في الجنازة ثم قعد" وفي رواية من حديثه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا بالقيام في الجنازة ثم جلس بعد ذلك وأمرنا بالجلوس" رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه وابن حبان وأخرج أبو داود والترمذي وابن ماجه والبزار من حديث عبادة ابن الصامت أن يهوديا قال: لما كان النبي يقوم للجنازة هكذا نفعل فقال: النبي اجلسوا وخالفوهم" وفي إسناده بشر بن أبي رافع وليس بالقوي كما قال الترمذي وقال البزار تفرد به بشر وهو لين فأفاد ما ذكرناه أن القيام للجنازة إذا مرت أمر منسوخ وأما قيام الماشي خلفها حتى توضع على الأرض فمحكم لم ينسخ قال: القاضي عياض ذهب جميع السلف إلى أن الأمر منسوخ بحديث علي هذا.