من قذف غيره بالزنا وجب عليه حد القذف ثمانين جلده ويثبت ذلك بإقراره مرة أو شهادة عدلين وإذا لم يتب لم تقبل شهادته فإن جاء بعد القذف بأربعة شهود سقط عنه الحد وكذلك إذا أقر المقذوف بالزنا.
أقول: الدليل على ثبوت حد القذف قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} وقد أجمع أهل العلم على ذلك وروى مالك عن عبد الله بن عامر بن ربيعة قال: أدركت عمر ابن الخطاب وعثمان بن عفان والخلفاء وهلم جرا فما رأيت أحدا جلد عبدا في فرية أكثر من أربعين واختلفوا هل ينصف للعبد أم لا فذهب الأكثر إلى الأول وذهب ابن مسعود والليث والزهري والأوزاعي وعمر بن عبد العزيز وابن حزم إلى أنه لا ينصف لعموم الآية.
وأما كونه يثبت بإقراره مرة فلكون إقرار المرء لازما له ومن ادعى أنه يشترط التكرار مرتين فعليه الدليل ولم يأت في ذلك دليل من كتاب ولا سنة.
وأما اعتبار شهادة العدلين فكسائر ما يعتبر فيه الشهادة كما اطلقه الكتاب العزيز.
وأما كونه يسقط حد القذف إذا جاء القاذف بأربعة شهود يشهدون على المقذوف أنه زنا فلأن القاذف حينئذ لم يكن قاذفا بل قد تقرر صدور الزنا بشهادة الأربعة فيقام الحد على الزاني وهكذا إذا أقر المقذوف بالزنا فلا حد