يجوز لجائز التصرف أن يوكل غيره في كل شيء ما لم يمنع منه مانع وإذا باع الوكيل بزيادة على ما رسمه موكله كانت الزيادة للموكل وإذا خالفه إلى ما هو أنفع أو غيره ورضي به صح.
أقول: أما كون الوكالة تجوز في كل شيء فلأنه قد ثبت منه صلى الله عليه وسلم التوكيل في قضاء الدين كما في حديث أبي رافع أنه أمره صلى الله عليه وسلم أن يقضي الرجل بكره وقد تقدم وثبت عنه صلى الله عليه وسلم التوكيل في استيفاء الحد كما في حديث: "واغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها" وهو في الصحيح وسيأتي وثبت عنه صلى الله عليه وسلم التوكيل في القيام على بدنه وتقسيم جلالها وجلودها وهو في الصحيح وثبت عنه صلى الله عليه وسلم التوكيل في حفظ زكاة رمضان كما في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه أعطى عقبة بن عامر غنما يقسمها بين أصحابه وقد تقدم في الضحايا وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه وكل أبا رافع ورجلا من الأنصار فزوجاه ميمونة وقد تقدم وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: لجابر إذا أتيت وكيلي فخذ منه خمسة عشر وسقا كما أخرجه أبو داود والدارقطني وفي الباب أحاديث كثيرة فيها ما يفيد جواز الوكالة فلا يخرج عن ذلك إلا ما منع منه مانع وذلك كالتوكيل في شيء لا يجوز للموكل أن يفعله ويجوز للوكيل كتوكيل المسلم للذمي في بيع الخمر أو الخنزير أو نحو ذلك فإن ذلك لا يجوز ولا يكون محللا للثمن لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه وقد تقدم وقد ورد في الكتاب العزيز ما يدل على جواز التوكيل كقوله تعالى: {فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ}[الكهف:١٩] وقوله: {اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ}[يوسف:٥٥] وقد أورد البخاري في الوكالة ستة وعشرين حديثا ستة معلقة والباقية وموصولة وقد قام الإجماع على مشروعيتها.
وأما كون الوكيل إذا باع بزيادة على ما رسمه موكله كانت الزيادة