سببها الاشتراك في شيء ولو منقولا فإذا وقعت القسمة فلا شفعة ولايحل للشريك أن يبيع حتى يؤذن شريكه ولاتبطل بالتراخي.
أقول: أما كون سببها الاشتراك ولومنقولا فلعموم الأحاديث الواردة في ذلك كحديث جابر في البخاري وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالشفعة في كل مالم يقسم فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق بلا شفعة" أخرجه أيضا بنحو هذا اللفظ أهل السنن وحديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا قسمت الدار وحدت فلا شفعة فيها" أخرجه أبو داود وابن ماجه بإسناد رجاله ثقات وأخرج مسلم وغيره من حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالشفعة في كل شركة لم تقسم" وأخرج البيهقي من حديث ابن عباس مرفوعا "الشفعة في كل شيء" ورجاله ثقات إلا أنه أعل بالإرسال وأخرج الطحاوي له شاهدا من حديث جابر بإسناد لا بأس به.
وأما كون القسمة تبطل الشفعة فلما في هذه الأحاديث من التصريح بأنها في الشيء الذي لم يقسم ثم فسر القسمة بقوله:"فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة" فالأحاديث الواردة في مطلق شفعة الجار كأحاديث "الجار أحق بصقبة١" وهي ثابتة في الصحيحين وغيرهما مقيدة بعدم القسمة لأن الجار كما يصدق على الملاصق يصدق على المخالط.
وأما تقييد شفعة الجار باتحاد الطريق كما في حديث جابر عند أحمد وأبي داود وابن ماجه والترمذي وحسنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "الجار أحق بشفعة جاره" ينتظر بها وإن كان غائبا إذا كان طريقهما واحدة فهذا الحديث يؤيد ما قلناه من أنه لا شفعة إلا للخليط" لأن الطريق إذا كانت واحدة فالخلطة كائنة فيها ولم تقع القسمة الموجبة لبطلان الشفعة لعدم تصريف الطريق فالحق