يجوز التداوي والتفويض أفضل لمن يقدر على الصبر ويحرم بالمحرمات ويكره الاكتواء ولا بأس بالحجامة والرقية بما يجوز من العين وغيرها".
أقول: أما جواز التداوى فلما أخرجه مسلم رحمه الله تعالى وغيره من حديث جابر "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لكل داء دواء فإذا أصيب دواء الداء برئ بإذن الله" وأخرج البخارى وغيره من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما أنزل الله من داء إلا وأنزل له شفاء" وأخرج أحمد وأبو داود وابن ماجه والترمذي وصححه وصححه أيضا ابن خزيمة والحاكم من حديث أسامة قالت: الأعراب يا رسول الله ألا نتداوى؟ قال:"نعم عباد الله تداووا فإن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء إلا داء واحدا قالوا: يا رسول الله وما هو قال: الهرم " وأخرج أحمد وابن ماجه والترمذي وحسنه من حديث أبي خزامة قال: قلت يا رسول الله أرأيت رقى نسترقيها ودواء نتداوى به وتقاة نتقيها هل ترد من قدر الله شيئا قال: " هى من قدر الله".
وأما كون التفويض أفضل فلحديث ابن عباس في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم أتته امرأة سوداء فقالت: إ ني أصرع وإني أنكشف فادع الله لي قال: إن شئت صبرت ولك الجنة وإن شئت دعوت الله أن يعافيك قالت:: أصبر" وفي الصحيحين أيضا من حديثه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يدخل الجنة من أمتى سبعون ألفا بغير حساب هم الذين لا يسترقون ولا يتطيرون ولا يكتوون وعلى ربهم يتوكلون" ولا يخالف هذا ما تقدم من الأمر بالتداوى فالجمع ممكن بأن التفويض أفضل مع الإقتدار على الصبر كما يفيده قوله: "إن شئت صبرت" وأما مع عدم الصبر على المرض وصدور الحرج والحرد وضيق الصدر من المرض فالتداوى أفضل لأن فضيلة التفويض قد ذهب بعدم الصبر.