إن كانت بغير عوض فلها حكم الهدية في جميع السلف وإن كانت بعوض فهي بيع ولها حكمه والعمري والرقبى توجبان الملك للمعمر والمراقب ولعقبة من بعده لارجوع فيها.
أقول: أما كون حكمها بلا عوض حكم الهدية فلكون الهدية هبة لغة وشرعا والفرق بينهما إنما هو اصطلاح جديد فإذا كانت الهبة بغير عوض كانت المكافأة عليها مشروعة وتجوز للكافر ومنه ولا يحل الرجوع فيها وتجب التسوية بين الأولاد ويكره الرد لغير مانع شرعي وأما إذا كانت بعوض فهي بيع لأن المعتبر في البيع إنما هو الترضي والتعارض وهما حاصلان في الهبة بعوض إذا كان ذلك واقعا عند التواهب.
وأما إذا كان في الموهوب له مكافأة غير مرادة للواهب عند الهبة فهي كالهدية وبالجملة فتنطبق على الهبة بغير عوض الأدلة المتقدمة في الهدية وتنطبق على الهبة بعض الأدلة المتقدمة في البيع وقد تقدمت فلا حاجة إلى إيرادها هنا.
وأما كون العمري والرقبي يوجبان الملك إلى آخره فلحديث أبي هريرة في الصحيحين وغيرهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"العمري ميراث لأهلها" أو قال: " جائزة" وفيهما من حديث جابر قال: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعمري لمن وهبت له" وفي لفظ لمسلم "فمن أعمر عمري فهي للذي أعمر حيا وميتا ولعقبه" وفي لفظ لأحمد ومسلم وأبي داود إنما العمري التي أجازها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول هي لك ولعقبك فأما إذا قال: هي لك ما عشت فإنها ترجع إلى صاحبها ولكن قد قيل إن ذلك من كلام أبي سلمة مدرج في حديث جابر فلا تقوم بهذه الرواية حجة ولا تصلح لتقييد الأحاديث المطلقة كالحدثين المتقدمين وحديث زيد بن ثابت عند أحمد وأبي داود وابن ماجه