هو أن يسلم رأس المال في مجلس العقد على أن يعطيه ما يتراضيان عليه معلوما إلى أجل معلوم ولايأخذ إلاما سماه أو رأس ماله ولايتصرف قبل قبضه.
أقول: السلم هو نوع مخصوص من أنواع البيع فلا يجوز أن يكون المالان مؤجلين لأن ذلك هو بيع الكالئ بالكالئ وقد تقدم المنع منه فلا بد أن يكون رأس المال مدفوعا عند العقد وقد وقع الإتفاق على أنه يشترط فيه ما يشترط في البيع وعلى تسليم رأس المال في المجلس وقد شرط في السلم جماعة من أهل العلم شروطا لم يدل عليها دليل.
وأما اعتبار أن يكون المسلم فيه معلوما والأجل معلوما فلما ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عباس قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم وهم يسلفون في الثمار السنة والسنتين فقال: "من أسلف فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم" وأخرج أحمد والبخاري من حديث عبد الرحمن بن أبزي وعبد الله بن أبي أوفى قالا: كنا نصيب المغانم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يأتينا أنباط من أنباط الشام فنسلفهم في الحنطة والشعير والزيت إلى أجل مسمى وقيل أكان لهم زرع أو لم يكن قالا ماكنا نسألهم عن ذلك" وفي لفظ لأحمد وأهل السنن إلا الترمذي وما نراه عندهم.
وأما كونه لا يأخذ إلا ما سماه أو رأس المال فلحديث ابن عمر عند الدارقطني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أسلف شيئا فلا يشرط على صاحبه غير قضائه" وفي لفظ "من أسلف في شيء فلا يأخذ إلا ما أسلف فيه أو رأس ماله".