يجب فيما يغنم في القتال وفي الركاز ولايجب فيما عدا ذلك ومصرفه قوله: تعالى {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ}[الأنفال:٤١] الآية.
أقول: أما ما يغنم في القتال فسيأتي الكلام فيه إن شاء الله تعالى في كتاب الجهاد والسير، ولا فرق بين الأراضي والدور المأخوذة من الكفار وبين المنقولات فإن الجميع مغنوم في القتال وأما الفيء وهو ما أخذ بغير قتال فحكمه مذكور في قوله تعالى:{مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى}[الحشر:٧] والمراد بقوله: تعالى: {مِنْ شَيْءٍ}[الأنفال:٤١] ما بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم لا كل ما يطلق عليه اسم الغنيمة بل ما غنم بالقتال كما في النهاية وغيرها ولو بقي على عمومه لاستلزم وجوب الخمس في الأرباح والمواريث ونحوها وهوخلاف الإجماع وما استلزم الباطل باطل١.
وأما وجوبه في الركاز فلحديث أبي هريرة في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"العجماء جبار والبئر جبار والمعدن جبار وفي الركاز الخمس" والركاز بكسر الراء وتخفيف الكاف وآخره الزاي قال مالك والشافعي: الركاز دفن الجاهلية وقال أبو حنيفة والثوري وغيرهما: أن المعدن ركاز وخالفهم في ذلك الجمهور فقالوا: لا يقال المعدن ركاز واحتجوا بما وقع في هذا الحديث من التفرقة بينهما بالعطف وأن ذلك يدل على المغايرة وفي القاموس تفسير الركاز بالمعدن دفن الجاهلية وقال صاحب النهاية: أن الركاز يقع عليهما وأن الحديث ورد في الدفين هذا معنى كلامه.
وأما كونها لا تجب فيما عدا ذلك فلعدم الإيجاب الشرعي والبقاء تحت البراءة الأصلية.
وأما كون مصرفه من في الآية فكفى بها دليلا على ذلك.