وأما كونه يحرم التداوي بالمحرمات فلحديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الدواء الخبيث أخرجه مسلم رحمه الله وغيره وأخرج أبو داود من حديث أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله أنزل الداء والدواء وجعل لكل داء دواء فتداووا ولا تتداووا بحرام" وفي إسناده إسمعيل بن عياش وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم النهي عن التداوى بالخمر كما في صحيح مسلم رحمه الله وغيره وفي البخاري عن ابن مسعود أنه قال: "إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم" وقد ذهب إلى تحريم التداوي بالأدوية النجسة والمحرمة الجمهور ولا يعارض هذا إذنه صلى الله عليه وسلم بالتداوي بأبوال الإبل كما ورد في الصحيح لأنها لم تكن نجسة ولا محرمة ولو سلمنا تحريمها لكان الجمع ممكنا ببناء العام على الخاص.
وأما كونه يكره الاكتواء فلحديث ابن عباس عند البخاري وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"الشفاء في ثلاية في شرطة محجم أو شربة عسل أو كية بنار وأنهى أمتي عن الكي" وفي لفظ "وما أحب أن أكتوي" وأخرج أحمد وأبو داود وابن ماجه والترمذي وصححه من حديث عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الكي فاكتوينا فما أفلحنا ولا أنجحنا وقد ورد ما يدل على أن النهي عن الكي للتنزيه لا للتحريم كما في حديث جابر عند مسلم رحمه الله وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم كوى سعد بن معاذ رضي الله عنه في أكحله مرتين وأخرج الترمذي وحسنة من حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كوى سعد بن زرارة من الشوكة ووجه الكراهة أن في ذلك تعذيبا بالنار ولا يجوز أن يعذب بالنار إلا رب النار وقد قيل إن وجه الكراهة غير ذلك وقد جمع بين الأحاديث بمجموعات ما ذكرنا.
وأما كونه لا بأس بالحجامة فلحديث جابر في الصحيحين وغيرهما قال: سمعت رسول اله صلى الله عليه وسلم يقول "إن كان في شيء من أدويتكم خيرا في شرطة محجم أو شربة عسل أو لذعة بنار توافق الداء وما أحب أن اكتوي"