أن سبب الشفعة هو واحد وهو الشركة قبل القسمة فما قيل من أن من أسبابها الاشتراك في الطريق والإشتراك في قرار النهر أو مجاري الماء هو راجع إلى السبب الذي ذكرناه لأن الإشتراك في طريق الشيء أو في سواقيه هو اشتراك في بعض ذلك الشيء وقد حققت المقام في رسالة مستقلة أو ردت فيها جميع ماورد في الشفعة من الأدلة وجمعت بينها جمعا نفسيا فليرجع إليها وقد حكى في البحر عن علي وعمر وعثمان وسعيد ابن المسيب وسليمان بن يسار وعمر بن عبد العزيز وربيعة ومالك والشافعي والأوزعي وأحمد وإسحاق وعبيد بن المحسن والإمامية أن الشفعة لا تثبت إلا بالخلطة" وحكى عن العترة وأبي حنيفة وأصحابه والثوري وابن أبي ليلى وابن سيرين أن الشفعة تثبت بالجوار" واستدلوا بالأحاديث الواردة في شفعة الجار. وأما كونه لا يحل للشريك أن يبيع حتى يؤذن شريكه فلحديث جابر رضي الله عنه عند مسلم رحمه الله وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالشفعة في كل شركة لم تقسم ربعه أو حائط "ولا يحل له أن يبيع حتى يؤذن شريكه فإن شاء أخذ وإن شاء ترك فإن باعه ولم يؤذنه فهو أحق به".
وأما كونها لا تبطل بالتراخي فلما في الأحاديث الصحيحة الواردة في الشفعة من الإطلاق.
وأما ما أخرجه ابن ماجه من حديث ابن عمر بلفظ "لا شفعة لغائب ولا لصغير والشفعة كحل العقال:" ففي إسناده محمد بن عبد الرحمن بن السليماني وهو ضعيف جدا وقال: أبو حيان لا أصل للحديث وقال: أبو زرعة منكر وقال: البيهقي ليس بثابت ولا يصح تأييد هذا الحديث الباطل بما روى من قول شريح فإنه لا حجة في ذلك على أن هذا الحديث قد اشتمل على ثلاثة أحكام نفى شفعة الغائب ونفى شفعة الصغير واعتبار الفور وقد هجر ظاهرة في الحكمين الأولين فكان ذلك مفيدا لترك الاحتجاج به في الحكم الثالث على فرض أنه غير باطل.