والبئر فتطهيره بالصب عليه والنزح منه حتى لا يوجد للنجاسة أثر لأنها لو كانت باقية لكان التعبد بإذهابها باقيا ولكن هذا إنما يكون في مثل النجاسة التي لها جرم ولون وأما مثل البول فقد ورد عن الشارع أن تطهيره بأن يصب عليه ذنوب من ماء فإذا وقع ذلك صارت الأرض المتنجسة بالبول طاهرة.
وأما كون الأصل في التطهير هو الماء فقد وصف بذلك الكتاب والسنة وصفا مطلقا غير مقيد بل قوله صلى الله عليه وسلم:"الماء طهور" يرشد إلى ما ذكرنا إرشاد يشهد له قواعد علم المعاني وعلم الأصول فإذا ثبت الشارع أن تطهير شيء من المتنجسات يكون بغير الماء كمسح النعل بالأرض ونحو ذلك كان الماء غير متعين في تطهير تلك النجاسة بخصوصها ويتعين فيما عداها وهذا هو الحق وقد ذهب بعض الجمهور إلى أن الماء هو المتعين في تطهير النجاسات وذهب أبو حنيفة وأبو يوسف إلى أنه يجوز التطهير بكل مائع طاهر وإليه ذهب الداعي من أهل البيت ويرد على الجمهور بما ثبت عن الشارع تطهيره بغير الماء إن كانوا يقولون إن الماء يتعين في مثل ذلك ويرد على أبي حنيفة ومن معه بأن إثبات مطهر لم يرد الشارع أو تطهير على غير الصفة الثابتة عنه مدفوع.