وجوب النفقة مع السكنى ويؤيده قوله تعالى:{أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ}[الطلاق:٦] ويدل على وجوب النفقة قوله: تعالى {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ}[البقرة:٢٤١] وقوله تعالى في آخر الآية الأولى: {لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً}[الطلاق:١] وهو الرجعة وكان ذلك في الرجعية.
وأما البائنة فلا نفقة لها ولا سكنى لحديث فاطمة بنت قيس عند مسلم رحمه الله وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم في المطلقة ثلاثا "لا نفقة لها ولا سكنى" وفي الصحيحين وغيرهما عنها أنها قالت: "طلقني زوجي ثلاثا فلم يجعل لي رسول الله صلى الله عليه وسلم نفقة ولا سكنى" وقد صح حديثها بلا نزاع وقد أخرج أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي أنه قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا نفقة لك إلا أن تكوني حاملا " وقد أنكر عليها عمر وعائشة هذا الحديث وقال: عمر لا نترك كتاب الله وسنة نبينا لقول امرأة لا ندري لعلها حفظت أو نسيت وقد قالت: فاطمة حين بلغها ذلك بيني وبينكم كتاب الله قال الله تعالى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}[الطلاق:١] حتى قال: {لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً}[الطلاق:١] فأي أمر يحدث بعد الثلاث وقد ذهب إلى عدم وجوب النفقة والسكنى للبائنة أحمد وإسحاق وأبو ثور وداود وأتباعهم وحكاه في البحر عن ابن عباس والحسن البصري وعطاء والشعبي وابن أبي ليلى والأوزاعي والإمامية والقاسم وذهب الجمهور إلى أنه لا نفقة لها ولها السكنى لقوله تعالى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ}[الطلاق:٦] وقد تقدم ما يدل على أنها في الرجعية وذهب عمر بن الحطاب وعمر بن عبد العزيز والثورى وأهل الكوفة والناصر والإمام يحيى إلى وجوب النفقة والسكنى.
وأما عدم وجوبها لمن في عدة الوفاة فلعدم وجود دليل يدل على ذلك في غير الحامل ولا سيما بعد قوله: صلى الله عليه وسلم "إنما النفقة والسكنى للمرأة إذا كان لزوجها عليها رجعة فإذا لم يكن عليها رجعة فلا نفقة ولا سكنى" ويؤيده أيضا في تعليل الآية المتقدمة بقوله: تعالى: {لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً}