أنا أحق بها هي ابنة عمي وقال: جعفر بنت عمي وخالتها تحتى وقال: زيد ابنة أخي فقضى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم لخالتها وقال: "الخالة بمنزلة الأم" والمراد بقول زيد ابنة أخي أن حمزة قد كان النبي صلى الله عليه وسلم آخي بينهما ووجه الاستدلال بهذا الحديث أنه قد ثبت بالإجماع أن الأم أقدم الحواضن فمقتضى التشبيه أن الخالة أقدم من غيرها من غير فرق بين الأب وغيره وقد قيل إن الأب أقدم منها إجماعا وليس ذلك بصحيح والخلاف معروف والحديث يحج من خالفه.
وأما إثبات حق الأب في الحضانة فهو وإن لم يرد دليل يخصه لكنه قد استفيد من قوله: صلى الله عليه وسلم للأم "أنت أحق به مالم تنكحي" فإن هذا يدل على ثبوت أصل الحق للأب بعد الأم ومن بمنزلتها وهي الخالة وكذلك إثبات التخيير بينه وبين الأم في الكفالة فإنه يفيد إثبات حق له في الجملة.
وأما كونه يعين الحاكم من القرابة من رأى فيه صلاحا فلأنه إذا عدمت الأم والخالة والأب والصبي محتاج إلى من يحضنه بالضرورة والقرابة أشفق به فيعين الحاكم من يقوم بأمره منهم ممن يرى فيه صلاحا للصبي وقد أخرج عبد الرزاق عن عكرمة قال:"إن امرأة عمر بن الخطاب خاصمته إلى أبي بكر في ولد عليها فقال: أبو بكر هي أعطف وألطف وأرحم وأحنى وهي أحق بولدها مالم تتزوج" فهذه الأوصاف تفيد أن أبا بكر رضي الله عنه جعل العلة العطف واللطف والرحمة والحنو.
وأما كونه يثبت التخيير للصبي بعد بلوغ سن الاستقلال بين الأم والأب فلحديث أبي هريرة رضي الله عنه عند أحمد وأهل السنن وصححه الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم خير غلاما بين أبيه وأمه" وفي لفظ "أن امرأة جاءت فقالت: يارسول الله إن زوجي يريد أن يذهب بابني وقد سقاني من بئر أبي عتبة وقد نفعني فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم استهما عليه قال: زوجها من يحاقني في ولدي فقال: النبي صلى الله عليه وسلم: "هذا أبوك وهذه أمك فخذ بيد أيهما شئت" فأخذ بيد أمه فانطلقت به" أخرجه أهل السنن وابن أبي شيبة وصححه الترمذي وابن حبان