للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما تقييد الوجوب بالذكر١ فهو للجمع٢ بين هذه الأحاديث وحديث "من توضأ وذكر اسم الله عليه كان طهورا لجميع بدنه ومن توضأ ولم يذكر اسم الله عليه كان طهورا لأعضاء وضوئه" أخرجه الدراقطني والبيهقي من حديث ابن عمر وفي إسناده متروك وأخرجه الدارقطني والبيهقي من حديث ابن مسعود وفي إسناده أيضا متروك ورواه أيضا الدارقطني والبيهقي من حديث أبي هريرة وفيه ضعيفان وهذه الأحاديث لا تنتهض للاستدلال بها وليس فيها دلالة على المطلوب من أن الوجوب ليس إلا على الذاكر ولكنه يدل على ذلك أحاديث عدم المؤاخذة على السهو والنسيان وما يفيد ذلك من الكتاب العزيز فقد اندرجت تلك الأحاديث الضعيفة تحت هذه الأدلة الكلية ولا يلزم مثل ذلك في الأعضاء القطعية وبعد هذا كله ففي التقييد بالذكر إشكال٣.

وأما وجوب المضمضة والاستنشاق فوجهه أنهما من جملة الوجه الذي ورد القرآن الكريم بغسله وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم ما في القرآن بوضوئه المنقول إلينا ومن جملة ما نقل إلينا المضمضة والاستنشاق فأفاد ذلك أن الوجه المأمور بغسله من جملته المضمضة والاستنشاق وقد ورد الأمر بذلك كما أخرجه الدارقطني


١ لا يذهب أن عدم المؤاخذة على السهو والنسيان التي تظافرت عليها أدلة الكتاب والسنة إنما هو فيما يرجع إلى نفي الإثم فقط، ولم يقل أحد أن من نسي الصلاة أو نسي ركنا من أركانها أو شرطا من شروطها كالوضوء مثلا أنه يرتفع حكمه بمعنى ركنيته أو شرطيته مثلا فتصح الصلاة، وقد نسي النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين من صلاته، ثم لما ذكر أتاهما تحصيلا للصحة كما ثبت في الصحيح. نعم. قد ثبت في الشريعة أشياء قد ارتفع أحكامها بالنسيان وذلك أكل الصائم والكلام في الصلاة كما هو في حديث ذي اليدين بدلائل خصت مواردها. والله أعلم من خط الفاضل العمراني سلمه الله تعالى.
٢ لعل وجه الجمع أن يحمل قوله: ومن توضأ ولم يذكر اسم الله إلخ على أنه لم يذكر الله ناسيا فقد أجزأه ونقصت طهوريته فقط وفيه ما سيأتي: أنه إذا جعلت شرطا فلا فرق في عدم الإجزاء بين الترك ناسيا أو ناسيا أو عامدا وإن لم يكن ناسيا، بل بمجرد الوجوب فهو مع الترك مجز عمدا أو سهو، فالحمل على إرادة الندب أو الاستحباب أرجح من خط سيدي العلامة الحسن ابن يحيى قدس الله روحه
٣ إشارة إلى ما نقلناه عن العمراني قبل هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>