قدمه في أيام الصحابة رضي الله عنهم فضلا عن زمان من بعدهم وإذا كان هو الحكم في الأموال التي في الكعبة فالأموال التي في غيرها من المساجد أولى بذلك بفحوى الخطاب فمن وقف على مسجده صلى الله عليه وسلم أو على الكعبة أو على سائر المساجد شيئا يبقى فيها لاينتفع به أحد فهو ليس بمقترب ولا وقف ولا متصدق بل كانز يدخل تحت قوله تعالى:{وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ}[التوبة:٣٤] الآية ولا يعارض هذا ما ورى أحمد والبخاري عن أبي وائل قال: "جلست إلى شيبة في هذا المسجد فقال: جلس إلي عمر رضي الله عنه في مجلسك هذا فقال: لقد هممت أن لا أدع فيها صفراء ولا بيضاء إلا قسمتها بين المسلمين قلت ما أنت بفاعل قال لم:؟ قلت: لم يفعله صاحباك فقال: هما المرآن اللذان يقتدى بهما لأن هذا من عمر ومن شيبة بن عثمان بن طلحة اقتداء بما وقع من النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر رضي الله عنه وقد أبان حديث عائشة السبب الذي لأجله ترك صلى الله عليه وسلم ذلك.
وأما الوقف على القبور فإن كان تلك الأمور فلا شك في بطلانه لأن رفعها قد ورد النهي عنه كما في حديث علي أنه أمره صلى الله عليه وسلم أن لا يدع قبرا مشرفا إلا سواه ولا تمثالا إلا طمسه" وهو في مسلم وغيره وكذلك تزيينها وأشد من ذلك ما يجلب الفتنة على زائرها كوضع الستور الفائقة والأحجار النفيسة ونحو ذلك فإن هذا مما يوجب أن يعظم صاحب ذلك القبر في صدر زائره من العوام فيعتقد فيه ما لا يجوز وهكذا إذا وقف للنحر عند القبور ونحوه ممافيه مخالفة لما جاء عن الشارع أما إذا وقف على إطعام من يفد إلى ذلك القبر أو نحو ذلك فهذا هو وقف على الوافد لا على القبر وما صنع الواقف بوقفه على القبر إلا ما يعرضه للإثم فقد يكون ذلك سببا للإعتقادات الفاسدة وبالجملة فالوقف على القبور مفسدة عظيمة ومنكر كبير إلا أن يقف على القبر مثلا لإصلاح ما تهدم من عمارته التي لا إشراف فيها ولا رفع ولا تزيين فقد يكون هذا وجه الصحة وإن كان غير القبر أحوج إلى ذلك كما قال: الصديق رضي الله عنه الحي أولى بالجديد من الأكفان أو كما قال: