ضيفه جائزته" قالوا: والجائزة هي العطية والصلة وأصلها الندب ولا يخفى أن هذا اللفظ لا ينافي الوجوب وأدلة الباب مقتضيه لذلك لأن التغريم لا يكون للإخلال بأمر مندوب وكذلك قوله: واجبة فإنه نص في محل النزاع وكذلك قوله: "فما كان وراء ذلك فهو صدقة".
وأما كونه يحرم طعام الغير بغير إذنه فلقوله تعالى:{وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ}[البقرة:١٨٨] وكل ما دل على تحريم مال الغير دل على ذلك لأنه مال وإنما خص منه ما ورد فيه دليل يخصه كالضيف إذا حرمه من تجب عليه ضيافته كما مر.
ومن ذلك حلب ماشيته وأخذ ثمرته وزرعه للآدلة العامة والخاصة أما العامة فظاهر كالآية الكريمة وحديث خطبة الوداع ونحو ذلك وأما الأدلة الخاصة فمثل حديث ابن عمرفي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يجلبن أحدكم ماشية أحد إلا بإذنه أيحب أحدكم أن تؤتى مشربته فينثل طعامه وإنما تخزن لهم ضروع مواشيهم أطعمتهم فلا يحلبن أحد ما شية أحد إلا بإذنه" وأخرج أحمد من حديث عمير مولى أبي اللحم قال: أقبلت مع سادتي نريد الهجرة حتى إذا دنونا من المدينة قال: فدخلوا وخلفوني في أظهرهم فأصابتني مجاعة شديد وقال: فمر بي بعض من يخرج من المدينة فقالوا: لو دخلت المدينة فأصبت من ثمر حوائطها قال: فدخلت حائطا فقطعت منه قنوين فاتى صاحب الحائط وأتى بي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره خبري وعلي ثوبان فقال لي: "أيهما أفضل فأشرت إلى أحدهما فقال: خذه وأعط صاحب الحائط الآخر، فخلى سبيلي" وفي إسناده ابن لهيعة وله طريق أخرى عند أحمد وفي إسناده أيضا أبو بكر بن يزيد بن المهاجر غير معروف الحال وقد أعل هذا الحديث بأن في إسناده عبد الرحمن بن إسحاق عن محمد بن يزيد وهو ضعيف وأخرج أحمد والترمذي وابن ما جه من حديث ابن عمر قال: "سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يدخل الحائط فقال: "يأكل غير متخذ خبنة".