إسناد الحديث أسامة ابن زيد بن أسلم المدني وفيه مقال: ولكن أصل الحديث في الصحيحين وقد استدل به على جواز الصلح والإبراء من المجهول وأخرج البخاري من حديث جابر أن أباه قتل يوم أحد شهيدا وعليه دين فاشتد الغرماء في حقوقهم قال: فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فسألهم أن يقبلوا ثمر حائطى ويحللوا أبي فأبوا فلم يعطهم النبي صلى الله عليه وسلم حائطي وقال: "سنغدو عليك" فغدا علينا حين أصبح فطاف في النحل ودعا في ثمرها بالبركة فجذذتها فقضيتها وبقي لنا من ثمرها وفيه جواز الصلح عن معلوم بمجهول.
وأما جواز المصالحة عن الدم كالمال فلكون اللازم في الدم مع عدم القصاص هو المال فهو صلح بمال عن مال يدخل تحت عموم قوله تعالى: أو إصلاح بين الناس وتحت قوله صلى الله عليه وسلم: "الصلح جائز" وأخرج أحمد وابن ماجه والترمذي وحسنه من حديث عمرو ابن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من قتل متعمدا دفع إلى أولياء المقتول فإن شاءوا قتلوا وإن شاءوا أخذوا الدية وهي ثلاثون حقة وثلاثون جذعة وأربعون خلفة وذلك عقل العمد وما صولحوا عليه فهو لهم".
وذلك تشديد العقل وفي إسناده على بن زيد بن جدعان وفيه مقال.
وأما جواز الصلح ولو كان عن إنكار فلعموم الأدلة واندراج الصلح عن إنكار تحتها ولم يأت من منعه ببرهان وقد ذهب إلى الجمهور وحكى في البحر عن العترة والشافعي وابن أبي ليلى أنه لا يصح الصلح عن إنكار وقد ثبت في الصحيح عن كعب في قصة المتخاصمين في المسجد في دين فأشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى صاحب الدين أن يضع شطر دينه ويتعجل الباقي وهو دليل على جواز الصلح مع الخصام ووضع البعض واستيفاء البعض.